[٦٤٣٤] علَّق ابنُ القيم (٣/ ١١٠) على قول مقاتل بقوله: «ويؤيد هذا التفسير حديث أنس المرفوع: «هنّ عجائزكم العُمْش الرُّمْص» ... ويؤيده ... ». ثم ذكر حديث عائشة الوارد في الآثار المتعلقة بالآية وما في معناهما، ثم نقل عن مقاتل قولًا آخر وأنه اختيار الزجاج «أنهن الحُور العين التي ذكرهن، قيل: أنشأهن الله - عز وجل - لأوليائه لم يقع عليهن ولادة». ثم رجَّح أن «الظاهر أنّ المراد: أنشأهن الله تعالى في الجنة إنشاء. ويدل عليه وجوه: أحدها: أنه قد قال في حقّ السابقين: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} إلى قوله: {كَأَمْثالِ اللُؤْلُؤِ المَكْنُونِ}، فذكر سُررهم وآنيتهم وشرابهم وفاكهتهم وطعامهم وأزواجهم من الحور العين، ثم ذكر أصحاب الميمنة وطعامهم وشرابهم وفرشهم ونساءهم، والظاهر أنهن مثل نساء من قبلهن خلقهن في الجنة. الثاني: أنه سبحانه قال: {إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً}، وهذا ظاهر أنه إنشاء أول لا ثان؛ لأنه سبحانه حيث يريد الإنشاء الثاني يقيّده بذلك، كقوله: {وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى} [النجم: ٤٧]. الثالث: أنّ الخطاب بقوله: {وكُنْتُمْ أزْواجًا ثَلاثَةً} إلى آخره للذكور والإناث، والنشأة الثانية أيضًا عامة للنوعين، وقوله: {إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً}، ظاهره اختصاصهن بهذا الإنشاء، وتأمّل تأكيده بالمصدر، والحديث لا يدل على اختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف، بل يدل على مشاركتهن للحُور العين في هذه الصفات المذكورة، فلا يتوهم انفراد الحور العين عنهن بما ذكر مِن الصفات، بل هي أحقّ به منهن، فالإنشاء واقع على الصنفين».