ووجَّه ابنُ القيم (٣/ ١١٥) قول مَن قال: إنها نجوم السماء، ومواقعها: مساقطها. بقوله: «وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذِكر النجوم في القسم وبين المُقسم عليه وهو القرآن من وجوه: أحدها: أنّ النجوم جعلها الله يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يُهتدى بها في ظلمات الجهل والغي، فتلك هداية في الظلمات الحسية، وآيات القرآن في الظلمات المعنوية؛ فجمع بين الهدايتين، مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين، وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن، والنجوم آياته المشهودة المعاينة، والقرآن آياته المتلوة السمعية، مع ما في مواقعها عند الغروب من العِبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول». وعلَّق ابنُ عطية (٨/ ٢٠٩) على القول الثاني بقوله: «ويؤيد هذا القول عوْد الضمير على القرآن في قوله سبحانه: {إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}، وذلك أنّ ذِكْرَه لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومَن لا يتأول هذا التأويل يقول: إنّ الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم له ذِكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى، كقوله تعالى: {حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ} [ص: ٣٢]، و {كُلُّ مَن عَلَيْها فانٍ} [الرحمن: ٢٦] وغير ذلك».ورجَّح ابن جرير (٢٢/ ٣٦١) -مستندًا إلى الأغلب في اللغة- أنه قسمٌ بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقول الحسن، وقتادة من طريق سعيد، وعلَّل ذلك بقوله: «وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المَفْعِل، من وقَع يَقَعُ مَوقِعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أوْلى معانيه به». وزاد ابن عطية (ينظر: ٨/ ٢١٠) قولًا أنّ مواقع النجوم: عند الانقضاض إثر العفاريت.