للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نورًا، فينطلِقون جميعًا متوجّهين إلى الجنة معهم نورهم، فبينما هم كذلك إذ طفَأ الله نور المنافقين، فيتردّدون في الظّلمة، ويسبقهم المؤمنون بنورهم بين أيديهم، فينادونهم: {انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِن نُورِكُمْ}، {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ} حيث ذهب المؤمنون {فِيهِ الرَّحْمَةُ} ومن قِبَله الجنة، ويناديهم المنافقون: {ألَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}. قالوا: {بَلى ولَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أنْفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُمْ وارْتَبْتُمْ}. فيقول المنافقون بعضهم لبعض، وهم يَتَسَكَّعُون (١) في الظُّلمة: تعالوا نلتمسْ إلى المؤمنيين سبيلًا، فيَسْقُطون على هُوّةٍ، فيقول بعضهم لبعض: إنّ هذا ينفُقُ (٢) بكم إلى المؤمنين. فيتهافتون فيها، فلا يزالون يهوون فيها حتى ينتهوا إلى قَعْرِ جهنم، فهنالك خُدع المنافقون كما قال الله: {وهُوَ خادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] (٣). (١٤/ ٢٧١)

٧٥٦٠٤ - عن مقاتل بن سليمان، في قوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ}: يعني: بين أصحاب الأعراف وبين المنافقين {بِسُورٍ لَهُ بابٌ} يعني بالسُّور: حائط بين أهل الجنة والنار، {بابٌ باطِنُهُ} يعني: باطن السُّور {فِيهِ الرَّحْمَةُ} وهو مما يلي الجنة، {وظاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذابُ} يعني: جهنم، وهو الحجاب الذي ضُرب بين أهل الجنة وأهل النار، وهو السُّور، والأعراف: ما ارتفع من السُّور. الرحمة: يعني: الجنة {وظاهره مِن قِبَلِهِ العَذابُ} (٤). (١٤/ ٢٧٢)

٧٥٦٠٥ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ} قال: هذا السُّور الذي قال الله: {وبَيْنَهُما حِجابٌ} [الأعراف: ٤٦]، {باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} قال: الجنة وما فيها (٥) [٦٤٩٠]. (ز)


[٦٤٩٠] اختُلف في المراد بالسُّور في قوله تعالى: {فضرب بينهم بسور له باب} على قولين: الأول: أنه حجاب الأعراف. الثاني: أنه الجدار الشرقي في مسجد بيت المقدس.
ورجَّح ابنُ كثير (١٣/ ٤١٩) القول الأول الذي قاله مجاهد، وابن زيد، وقتادة، فقال: «وهو الصحيح». ولم يذكر مستندًا.
وانتقد ابنُ عطية (٨/ ٢٢٨) القول الثاني الذي قاله ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، فقال: «وهذا القول في السور بعيد».
ووجّهه ابنُ كثير (١٣/ ٤١٩) بقوله: «وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالًا لذلك، لا أنّ هذا هو الذي أُريد من القرآن هذا الجدار المعيّن، ونفس المسجد، وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم؛ فإن الجنة في السموات في أعلى عليين، والنار في الدّركات أسفل سافلين».

<<  <  ج: ص:  >  >>