[٦٥١٢] اختُلف في الذين لم يرعَوا الرّهبانيّة حقّ رعايتها على قولين: الأول: أنهم هم الذين ابتدعوها. الثاني: أنهم الذين اتّبعوا مبتدعي الرّهبانيّة في رهبانيتهم. وعلَّق ابنُ عطية (٨/ ٢٤٠) على القول الأول الذي قاله ابن عباس، من طريق العَوفيّ، والضَّحّاك، وأبو أمامة الباهلي، وابن زيد، بقوله: «والكلام سائغ، وإن كان فيهم من رعى، أي: لم يرعوها بأجمعهم، وفي هذا التأويل لزوم الإتمام لكل من بدأ بتنفل وتطوع، وأنه يلزمه أن يرعاه حقّ رعايته». ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٤٣٣) -مستندًا إلى السياق- القول الأول، فقال: «وذلك أنّ الله -جلّ ثناؤه- أخبر أنه آتى الذين آمنوا منهم أجرهم؛ قال: فدلّ بذلك على أنّ منهم مَن قد رعاها حقّ رعايتها، فلو لم يكن منهم مَن كان كذلك لم يكن مستحقّ الأجر الذي قال -جل ثناؤه-: {فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم}». ثم قال بجواز دخول القولين تحت عموم الآية، فقال: «إلا أنّ الذين لم يرعَوها حقّ رعايتها ممكن أن يكون كانوا على عهد الذين ابتدعوها، وممكن أن يكونوا كانوا بعدهم؛ لأنّ الذين هم من أبنائهم إذا لم يكونوا رعَوها، فجائز في كلام العرب أن يقال: لم يَرْعها القوم على العموم، والمراد منهم البعض الحاضر».