ورجَّح ابنُ جرير (٢/ ٧٣٥) القول الأخير الذي قال به قتادة، والربيع، وأبو العالية، مُسْتَنِدًا إلى القرآن، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- قد وصف الكفار بأنّ اللعنة التي تحل بهم إنما هي من الله والملائكة والناس أجمعين، فقال -تعالى ثناؤه-: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} [البقرة: ١٦١]، فكذلك اللعنة التي أخبر الله -جَلَّ ذِكْرُه- أنها نازلة بالفريق الآخر الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس، هي لعنة الله التي أخبر أنّ لعنتهم حالَّةٌ بالذين كفروا وماتوا وهم كفار، وهم اللاعنون؛ لأن الفريقين جميعًا أهلُ كفر». وعَلَّق ابنُ عطية (١/ ٣٩٥) على هذا بقوله: «وهذا ظاهرٌ واضحٌ جارٍ على مقتضى الكلام». ويُشْكِل على القول الأول -الذي قال به مجاهد، وعكرمة، وأبو جعفر- جَمْعُ اللاعنين بالواو والنون، وهو خاص بالعقلاء، وهو ما وجَّهه ابن عطية (١/ ٣٩٥) مُسْتَنِدًا إلى نظيره بقوله: «وذكروا بالواو والنون كمن يعقل؛ لأنهم أسند إليهم فعل من يعقل، كما قال: {رأيتهم لي ساجدين} [يوسف: ٤]». وبنحوه وجّهه ابنُ جرير (٢/ ٧٣٥). وانتَقَدَه ابنُ جرير مُسْتَنِدًا لمخالفته لظاهر لفظ الآية، وعدم وجود خبر يقطع بصحته. وبنحوه ابنُ عطية (١/ ٣٩٥). وانتقد ابنُ عطية القولَ الثانيَ الذي قال به ابن مسعود، والبراء بن عازب، وبمعناهما ما ورد عن ابن عباس، والكلبي، ومقاتل بنفس المستند السابق.