[٥٨٣] اختُلِف في قوله: {والناس أجمعين} وهم لا يلعنون أنفسهم؛ فقال قوم: المراد بالناس: المؤمنون خاصة. وقال آخرون: معنى ذلك: أنّ الكفرة يقولون في الدنيا: لعن الله الكافرين. فيلعنون أنفسهم من حيث لا يشعرون. وقال غيرهم: بل ذلك في الآخرة حيث يلعن الكافر نفسه. ورجَّح ابنُ جرير (٢/ ٧٤٢) مستندًا إلى القرآن، ودلالة العموم القولَ الثاني الذي قاله السدي، والثالث الذي قاله أبو العالية، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب عندنا قولُ مَن قال: عنى الله بذلك جميعَ الناس بمعنى لعنهم إياهم بقولهم: لعن الله الظالم أو الظالمين، فإن كلَّ أحد من بني آدم لا يمتنع من قِيلِ ذلك كائنًا من كان، ومن أي أهل ملة كان، فيدخل بذلك في لعنته كل كافر كائنًا من كان، وذلك بمعنى ما قاله أبو العالية؛ لأن الله -جل ثناؤه- أخبر عمن شهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم، فقال -جل ثناؤه-: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: ١٨]».