للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك الرجل على مِثل مرتبته الأولى، فلما كان من الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، فاطّلع ذلك الرجل، فلما قام الرجل اتّبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحَيتُ (١) أبي، فأقسمتُ: أن لا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيتَ أن تؤويني إليك حتى تَحلّ يميني فعلتَ. قال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله بن عمرو يُحدّث أنه بات معه ليلة فلم يرَه يقوم من الليل بشيء، غير أنه كان إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبّر، حتى يقوم لصلاة الفجر، فيُسبغ الوضوء، غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الليالي الثلاث، وكدتُ أحتقر عمله قلتُ: يا عبد الله، إنه لم يكن بيني وبين والدي غضبٌ ولا هجرة، ولكني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس: «يَطّلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة». فاطّلعتَ أنت تلك المرات الثلاث، فأردتُ أن آوي إليك، فأنظُر ما عملك؟ قال: ما هو إلا ما رأيتَ. فانصرفتُ عنه، فلمّا ولّيتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي غِلًّا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خيرٍ أعطاه الله إيّاه. فقال له عبد الله بن عمرو: هذه التي بلغتْ بك، وهي التي لا نُطيق (٢). (١٤/ ٣٨٥)

٧٦٣٠٧ - عن عبد العزيز بن أبي روّاد، قال: بلَغنا: أنّ رجلًا صلّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا الرجلُ مِن أهل الجنة». فقال عبد الله بن عمرو: فأتيتُه، فقلتُ: يا عمّاه، الضيافة؟ قال: نعم. فإذا له خيمة وشاة ونَخل، فلما أمسى خرج مِن خَيمته، فاحتلَب العَنز، واجتنى لي رُطبًا، ثم وضعه، فأكلتُ معه فبات نائمًا، وبِتُ قائمًا، وأصبح مُفطرًا وأصبحتُ صائمًا، ففعل ذلك ثلاث ليال، فقلتُ له: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيك: إنك من أهل الجنة، فأخبِرْني ما عملك؟ قال: فائتِ الذي أخبرك حتى يُخبرك بعملي. فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:


(١) الملاحاة: المخاصمة. النهاية (لحا).
(٢) أخرجه أحمد ٢٠/ ١٢٤ - ١٢٥ (١٢٦٩٧)، والنسائي في الكبرى ٩/ ٣١٨ - ٣١٩ (١٠٦٣٣)، من طريق معمر، عن الزُّهريّ، عن أنس بن مالك به.
قال ابن كثير في تفسيره ٨/ ٧٠ بعد أن ذكر هذا الأثر عن الإمام أحمد بإسناده عن الزُّهريّ عن أنس: «ورواه النسائي في اليوم والليلة، عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن معمر به، وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين، لكن رواه عقيل وغيره عن الزُّهريّ، عن رجل، عن أنس». وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الإحياء ص ١٠٨٥: «إسناد صحيح، على شرط الشيخين». وقال الهيثمي في المجمع ٨/ ٧٨ - ٧٩ (١٣٠٤٨): «رجال أحمد رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٦/ ٧٨ (٥٣٨٣): «إسناد صحيح، على شرط البخاري ومسلم». وقال الألباني في الضعيفة ١/ ٢٦: «إسناده صحيح، على شرط الشيخين».

<<  <  ج: ص:  >  >>