للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان ابن رَواحة أحد الأمراء، نادى في القوم: يا أهل المجلس الذي وعدتم ربكم قولكم: لو نعلَم الذي هو أحبّ إليك فَعَلنا. ثم تقدّم، فقاتل حتى قُتل (١). (١٤/ ٤٤٣)

٧٦٦٨٩ - عن زيد بن أسلم، قال: نَزَلت هذه الآيةُ في نَفرٍ مِن الأنصار فيهم عبد الله بن رَواحة، قالوا في مجلس: لو نعلَم أيَّ الأعمال أحبّ إلى الله لعمِلنا به حتى نموت. فأنزل الله هذه فيهم، فقال ابن رَواحة: لا أبْرح حبيسًا في سبيل الله حتى أموت شهيدًا (٢). (١٤/ ٤٤٤)

٧٦٦٩٠ - قال مقاتل بن سليمان: ... وذلك أنّ المؤمنين قالوا: لو نعلَم أيَّ الأعمال أحبّ إلى الله لعمِلناه. فأنزل الله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ يعني في طاعته صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} ... فأخبرهم اللهُ بأحبّ الأعمال إليه بعد الإيمان، فكرهوا القتال، فوعَظهم الله، وأدّبهم، فقال: {لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} نَزَلت هذه الآية في الأنصار في الأَوْس والخَزْرج؛ منهم عبد الله بن رَواحة وغيره (٣). (ز)

٧٦٦٩١ - عن مقاتل [بن حيّان]، قال: قال المؤمنون: لو نعلَم أحبّ الأعمال إلى الله لعمِلناه به. فدلّهم على أحبّ الأعمال إليه، فقال: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} فبيّن لهم، فابتُلوا يوم أُحُد بذلك، فوَلّوا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدبرين؛ فأنزل الله في ذلك: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} (٤). (١٤/ ٤٤٥)

٧٦٦٩٢ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} نَزَلَتْ في المنافقين، كانوا يَعِدون المؤمنين النصر وهم كاذبون (٥) [٦٥٩٥]. (ز)


[٦٥٩٥] اختُلف في سبب نزول الآية على أقوال: الأول: أنها أُنزِلَت توبيخًا من الله لقوم من المؤمنين تمنّوا معرفة أفضل الأعمال، فعرّفهم الله إياه، فلما عرفوا قصّروا، فعوتبوا بهذه الآية. الثاني: نَزَلَتْ في توبيخ قوم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها، فيقول: فعلت كذا وكذا، فعذلهم الله على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبًا. الثالث: أنها توبيخ من الله لقوم من المنافقين، كانوا يعِدون المؤمنين النصر وهم كاذبون.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٦٠٩) -مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية- القول الأول الذي قاله ابن عباس، من طريق علي، والعَوفيّ، وقول أبي صالح، ومجاهد، وانتقد البقية، فقال: «لأنّ الله -جلّ ثناؤه- خاطب بها المؤمنين، فقال: {يا أيها الذين آمنوا}، ولو كانت نَزَلَتْ في المنافقين لم يُسمّوا ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه كانوا قد تعمدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنهم عندي أمّلوا بقولهم: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله عمِلناه. أنهم لو علموا بذلك عملوه، فلما علموا ضعفت قُوى قوم منهم عن القيام بما أمّلوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشرف».
وكذا رجَّحه ابنُ عطية (٨/ ٢٩٢) مستندًا إلى السياق، فقال: «والقول الأول يترجح بما يأتي بعد مِن أمر الجهاد والقتال». ووجَّه القول الأخير الذي قاله ابن زيد، فقال: «والقول الأخير في المنافقين إنما يتوجه بأن يكونوا غير مجلّحين بالنفاق». وعلَّق (٨/ ٢٩١) بعد أن ذكر الأقوال بقوله: «وحكم هذه الآية باقٍ غابر الدهر، وكلّ مَن يقول ما لا يفعل فهو ممقوت مَذِق الكلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>