ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٦٠٩) -مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية- القول الأول الذي قاله ابن عباس، من طريق علي، والعَوفيّ، وقول أبي صالح، ومجاهد، وانتقد البقية، فقال: «لأنّ الله -جلّ ثناؤه- خاطب بها المؤمنين، فقال: {يا أيها الذين آمنوا}، ولو كانت نَزَلَتْ في المنافقين لم يُسمّوا ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه كانوا قد تعمدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنهم عندي أمّلوا بقولهم: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله عمِلناه. أنهم لو علموا بذلك عملوه، فلما علموا ضعفت قُوى قوم منهم عن القيام بما أمّلوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشرف». وكذا رجَّحه ابنُ عطية (٨/ ٢٩٢) مستندًا إلى السياق، فقال: «والقول الأول يترجح بما يأتي بعد مِن أمر الجهاد والقتال». ووجَّه القول الأخير الذي قاله ابن زيد، فقال: «والقول الأخير في المنافقين إنما يتوجه بأن يكونوا غير مجلّحين بالنفاق». وعلَّق (٨/ ٢٩١) بعد أن ذكر الأقوال بقوله: «وحكم هذه الآية باقٍ غابر الدهر، وكلّ مَن يقول ما لا يفعل فهو ممقوت مَذِق الكلام».