[٦٦١٢] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٣٠٠ - ٣٠١) أنه على هذا القول الذي قاله عكرمة ومقاتل فقوله تعالى: {منهم} يريد به: النّسب والإيمان. [٦٦١٣] اختُلف في الذين عُنوا بقوله: {وآخرين منهم} على أقوال: الأول: فارس. الثاني: الرّوم والعَجَم. الثالث: التابعين من أبناء العرب. الرابع: أنهم جميع طوائف الناس. ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٦٣١) -مستندًا إلى دلالة العموم- القول الأخير الذي قاله مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وابن زيد، والضَّحّاك، فقال: «لأن الله - عز وجل - عمّ بقوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} كلّ لاحقٍ بهم من» آخرين «، ولم يخصّص منهم نوعًا دون نوع، فكلّ لاحقٍ بهم فهو من الآخرين الذي لم يكونوا في عداد الأولين الذين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو عليهم آيات الله». وكذا رجَّحه ابن تيمية (٦/ ٣٠٢) مستندًا إلى الدلالة العقلية، والنظائر، فقال: «فإنّ قوله: {وآخرين منهم} أي: في الدّين دون النّسب؛ إذ لو كانوا منهم في النّسب لكانوا من الأُمّيين. وهذا كقوله تعالى: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} [الأنفال: ٧٥]». وساق ابنُ كثير (١٣/ ٥٥٥ بتصرف) الحديث الوارد عن أبي هريرة في تفسير قوله: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}، ثم بيّن دلالته على العموم، فقال: «ففي هذا الحديث دليل ... على عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس؛ لأنه فسّر قوله: {وآخرين منهم} بفارس، ولهذا كتب كُتبه إلى فارس والرّوم وغيرهم من الأمم، يدعوهم إلى الله - عز وجل -، وإلى اتّباع ما جاء به». وذكر ابنُ عطية (٨/ ٣٠١) أن قوله تعالى: {منهم} على هذا القول إنما يريد: في البشرية والإيمان، كأنه قال: وفي آخرين من الناس. ثم قال: «وذلك أنّا نجد بَعْثه - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الخلائق». وذكر ابنُ القيم (٣/ ١٥٤) أنه اختُلف في هذا اللحاق المنفي، فقيل: هو اللحاق في الزمان، أي: يتأخر زمانهم عنهم. وقيل: هو اللحاق في الفضل والسّبق. ثم علَّق بقوله: «وعلى التقديرين فامتنّ عليهم سبحانه بأنْ علّمهم بعد الجهل، وهَداهم بعد الضلالة، ويا لَها مِن مِنّة عظيمة فاقَت المِنن وجَلّت أن يقدر العباد لها على ثمن».