خَفَقْتُ برأسي من الهمّ إذ آتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعَرَك أُذُني، وضَحك في وجهي، فما كان يَسُرُّني أنّ لي بها الخُلْد أو الدنيا، ثمّ إنّ أبا بكر لَحِقني، فقال: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلتُ: ما قال لي شيئًا، إلا أنّه عَرَك أُذُني، وضَحك في وجهي. فقال: أبْشِر. ثمّ لَحِقني عمر، فقلتُ له مثل قولي لأبي بكر، فلمّا أصبَحنا قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المنافقين:{إذا جاءَكَ المُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ} حتى بلغ: {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الأَذَلَّ}(١)[٦٦٢٣]. (١٤/ ٤٩٢)
٧٦٩٧٦ - عن زيد بن أرْقَم، قال: كنتُ جالسًا مع عبد الله بن أُبيّ، فمَرّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس مِن أصحابه، فقال عبد الله بن أُبيّ: لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ. فأَتيتُ سعد بن عُبادة، فأَخبَرتُه، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكَر ذلك له، فأرسَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عبد الله بن أُبيّ، فحَلف له عبد الله بن أُبيّ بالله ما تَكلّم بهذا، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن عُبادة، فقال سعد: يا رسول الله، إنما أخبَرنيه الغلام زيد بن أرْقَم. فجاء سعد، فأخذ بيدي، فانطلَق بي، فقال: هذا حدَّثني. فانتَهرني عبد الله بن أُبيّ، فانتهيتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبَكيتُ، وقلتُ: إي، والذي أنزل النور عليك، لقد قاله. وانصرف عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {إذا
[٦٦٢٣] علَّق ابن كثير (١٤/ ١٢ - ١٣) على هذا الحديث بقوله: «انفرد بإخراجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه الحافظ البيهقي، عن الحاكم، عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي، عن سعيد بن مسعود، عن عبيد الله بن موسى، به وزاد بعد قوله: سورة المنافقين {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول} حتى بلغ: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} حتى بلغ: {ليخرجن الأعز منها الأذل}». ثم ذكر أن قد روى عبد الله بن لَهيعة، عن أبي الأسود، عروة بن الزبير في المغازي -وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه أيضًا هذه القصة بهذا السياق، ولكن جعلا الذي بلَّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلام عبد الله بن أُبيّ بن سَلول إنما هو أوس بن أرْقَم، من بني الحارث بن الخزرج. وعلَّق بقوله: «فلعلّه مبلّغ آخر، أو تصحيف من جهة السمع».