[٦٧١٥] اختُلف في المراد بقوله: {ن} على أقوال: الأول: أنّ النُّون: الحوت الذي عليه الأرض. الثاني: أنّ النُّون: الدَّواة. الثالث: حرف من حروف الرحمن. الرابع: لَوح من نور. الخامس: اسم من أسماء السورة. السادس: قَسمٌ أقسم الله به. السابع: حرف من حروف المعجم. ورجَّح ابنُ القيم (٣/ ١٧٦) القول الأخير، فقال: «الصحيح أنّ {ن} و {ق} و {ص} من حروف الهجاء التي يَفتتح بها الرّبّ سبحانه بعض السور». ولم يذكر مستندًا. ووجّه ابنُ عطية (٨/ ٣٦٤ - ٣٦٥) المراد بالقلم على القول بأنّ {ن} اسم الحوت بأنه القلم الذي خَلَقه الله تعالى وأمره فكَتب الكائنات، وأنّ الضمير في {يسطرون} للملائكة، وعلى القول بأنّ {ن} اسم للدَّواة، فـ {القلم} هو المتعارف بأيدي الناس، وأنّ الضمير في {يسطرون} للناس. ثم علَّق على هذا القول بقوله: «فجاء القَسم -على هذا- بمجموع أمر الكتاب الذي هو قوام للعلوم والمعارف، وأمور الدنيا والآخرة، فإنّ القلم أخو اللسان، ومَطية الفِطنة، ونعمة من الله عامة». ورجَّح ابنُ جرير (٢٣/ ١٤٥) -مستندًا إلى السنة- أنّ القلم المُقسَم به هو ما كُتب به القدَر، فقال: «وأما القلم: فهو القلم المعروف، غير أنّ الذي أقسم به ربنا من الأقلام: القلم الذي خَلَقه الله -تعالى ذِكْره-، فأمره فجَرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة». ثم ساق الأحاديث في ذلك. ورجَّح ابنُ كثير (١٤/ ٨٣) -مستندًا إلى النظائر- أنّ المراد بالقلم: جنس القلم، فقال: «وقوله: {والقلم} الظاهر أنه جنس القلم الذي يُكتب به، كقوله: {اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: ٣ - ٥]، فهو قَسمٌ منه تعالى، وتنبيه لخَلْقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تُنال العلوم؛ ولهذا قال: {وما يسطرون}».