للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وألوانهم، ويَرون من خَلَلِ (١) باب الجنة وهو مُصْفَقٌ (٢) منزلًا في أدنى الجنة، فيقولون: ربّنا، أعطِنا ذلك المنزل. فيقول لهم: أتسألون الجنة وقد نَجّيتكم من النار؟! فيقولون: ربّنا، أعطِنا، اجعل بيننا وبين النار هذا الباب، لا نَسمع حَسيسها. فيقول لهم: لعلّكم إنْ أُعطيتموه أن تسألوا غيره؟ فيقولون: لا، وعزّتك، لا نسألك غيره، وأي منزل يكون أحسن منه؟! قال: فيَدخلون الجنة، ويُرفع لهم منزلٌ أمام ذلك كأن الذي رَأوا قبل ذلك حُلْمٌ عنده، فيقولون: ربّنا، أعطِنا ذلك المنزل. فيقول: لعلّكم إنْ أعطيتكموه أن تسألوني غيره؟ فيقولون: لا، وعزّتك، لا نسأل غيره، وأي منزل أحسن منه؟! فيُعطَونه، ثم يُرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كأن الذي أُعطوه قبل ذلك حُلْمٌ عند الذي رَأوا، فيقولون: ربّنا، أعطِنا ذلك المنزل. فيقول: لعلّكم إنْ أُعطيتموه أن تسألوني غيره؟ فيقولون: لا، وعزّتك، لا نسألك غيره، وأي منزل أحسن منه؟! ثم يَسكتون، فيقال لهم: ما لكم لا تَسألون؟ فيقولون: ربّنا، قد سألناك حتى استحيينا. فيقال لهم: ألم تَرضَوا أنْ أُعطيكم مثل الدنيا منذ يوم خَلَقتُها إلى يوم أفنيتُها وعشرة أضعافها؟ فيقولون: أتستهزئ بنا وأنت ربّ العالمين؟!». قال مسروق: فلمّا بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث ضحك، وقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحدّثه مرارًا، فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تَبدوَ لهَواتُه، ويَبدوَ آخر ضِرس مِن أضراسه لقول الإنسان، قال: «فيقول: لا، ولكني على ذلك قادر فسلوني. قالوا: ربّنا، ألحِقنا بالناس. فيقال لهم: الحقُوا الناس. فينطَلِقون يَرْمُلون في الجنة، حتى يَبدوُ للرجل منهم في الجنة قصر؛ دُرّة مُجَوّفة، فيَخِرّ ساجدًا، فيقال له: ارفع رأسك. فيَرفع رأسه، فيقول: رأيتُ ربي! فيقال له: إنما ذلك منزل من منازلك. فيَنطلِق، فيستقبله رجل، فيَتهيّأ للسجود، فيُقال له: ما لك؟ فيقول: رأيتُ مَلكًا! فيقال له: إنما ذلك قَهْرمان (٣) من قهارمتكَ، عبد من عبيدك. فيأتيه، فيقول: إنما أنا قَهْرمان من قهارمتكَ على هذا القصر، تحت يدي ألف قَهْرمان، كلّهم على ما أنا عليه. فيَنطلِق به عند ذلك حتى يفتح له القصر، وهي درة مجوفة، سقائفها وأغلاقها وأبوابها ومفاتيحها منها. قال: فيفتح له القصر، فتستقبله جوهرة خضراء مُبطّنة بحمراء سبعون


(١) الخلل: الفُرْجة والثُّلْمَة. النهاية (خلل).
(٢) صَفَقْت الباب أصْفِقُه صَفْقًا: إذا فتحته. لسان العرب (صفق).
(٣) القهرمان: هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يديه، والقائم بأمور الرجل، بلغة الفُرس. لسان العرب (قهرم).

<<  <  ج: ص:  >  >>