فقال: يفترق الناس ثلاث فِرق؛ فرقة تَتْبعه، وفرقة تَلحق بأرض آبائها؛ مَنابتَ الشّيح، وفرقة تأخذ شَطّ الفُرات، فيُقاتلهم ويقاتلونه، حتى يجتمع المؤمنون بقُرى الشام، فيَبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فَرسٍ أشقر أو أبْلق، فيُقتلون لا يرجع إليهم شيء، ثم إنّ المسيح ينزل فيَقتله، ثم يَخرج يأجوج ومأجوج، فيمُوجون في الأرض، فيُفسدون فيها. ثم قرأ عبد الله:{وهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}[الأنبياء: ٩٦]. ثم يَبعث الله عليهم دابة مثل هذه النَّغَفَة (١)، فتَدخل في أسماعهم ومناخرهم، فيَموتون منها، فتُنتِن الأرض منهم، فيَجْأر أهلُ الأرض إلى الله، فيُرسل الله ماءً، فيُطهّر الأرض منهم، ثم يَبعث ريحًا فيها زمهرير باردة، فلا تَدعُ على وجه الأرض مؤمنًا إلا كُفِئتْ بتلك الريح، ثم تقوم الساعة على شرار الناس، ثم يقوم مَلك الصور بين السماء والأرض فيَنفخ فيه، فلا يَبقى خَلْقٌ لله في السماوات والأرض إلا مات إلا مَن شاء ربّك، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون، فليس من ابن آدم خَلْقٌ إلا وفي الأرض منه شيء، ثم يُرسل الله ماءً مِن تحت العرش، مَنيًّا كمنيّ الرجال، فتَنبُتُ جسمانهم ولحمانهم مِن ذلك الماء كما تَنبُتُ الأرض من الثَّرى. ثم قرأ عبد الله:{واللَّهُ الَّذِي أرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا فَسُقْناهُ إلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذَلِكَ النُّشُورُ}[فاطر: ٩]. ثم يقوم مَلَك بالصور بين السماء والأرض، فيَنفخ فيه، فتَنطلِق كلُّ نفسٍ إلى جسدها حتى تَدخل فيه، فيَقومون، فيَجيئون مجيئة رجل واحد قيامًا لربّ العالمين، ثم يَتمَثَّل اللهُ للخَلْق، فيَلقاهم، فليس أحدٌ مِن الخَلْق يعبد من دون الله شيئًا إلا هو مُرتفع له يَتَّبعه، فيَلقى اليهود، فيقول: ما تعبدون؟ فيقولون: نعبد عُزَيْرًا. فيقول: هل يَسُرّكم الماء؟ قالوا: نعم، فيُريهم جهنم كهيئة السّراب. ثم قرأ عبد الله:{وعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضًا}[الكهف: ١٠٠]. ثم يَلقى النصارى، فيقول: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: المسيح. فيقول: هل يَسُرُّكم الماء؟ قالوا: نعم. فيُريهم جهنم كهيئة السّراب، وكذلك لِمَن كان يعبد من دون الله شيئًا. ثم قرأ عبد الله:{وقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات: ٢٤]. حتى يَمُرّ المسلمون، فيَلقاهم، فيقول: مَن تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله ولا نُشرك به شيئًا. فيَنتهِرهم مرة أو مرتين: مَن تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله ولا نُشرك به شيئًا. فيقول: هل تَعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحان الله، إذا اعترف لنا عَرفناه. فعند ذلك {يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}، فلا يَبقى مؤمن إلا
(١) النغفة: واحد النغف، وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم. النهاية (نغف).