للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا}، قال: حَسَمتْهم؛ لم تُبقِ منهم أحدًا. قال: ذلك الحُسُوم، مثل الذي يقول: احْسِم هذا الأمر. قال: وكان فيهم ثمانية لهم خَلْقٌ يَذهب بهم في كلّ مَذهب. قال: قال موسى بن عُقبة: فلما جاءهم العذاب قالوا: قُوموا بنا نَردّ هذا العذاب عن قومنا. قال: فقاموا، وصَفُّوا في الوادي، فأوحى اللهُ إلى مَلِك الريح أن يَقلع منهم كلَّ يوم واحدًا. وقرأ قول الله: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا} حتى بلغ: {نَخْلٍ خاوِيَةٍ}. قال: فإن كانت الريح لَتَمُرّ بالظَّعينة، فتَسْتَدْبرها وحُمولتها، ثم تَذهب بهم في السماء، ثم تَكُبّهم على الرؤوس. وقرأ قول الله: {فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضًا مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذا عارِضٌ مُمْطِرُنا} قال: وكان أمسك عنهم المطر. فقرأ حتى بلغ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها} [الأحقاف: ٢٤، ٢٥]. قال: وما كانت الريح تَقلع من أولئك الثمانية كلّ يوم إلا واحدًا. قال: فلمّا عَذّب الله قوم عاد أبقى الله واحدًا يُنذِر الناس. قال: فكانت امرأةُ قد رَأتْ قومها، فقالوا لها: أنتِ أيضًا. قالت: تَنحّيتُ على الجبل. قال: وقيل لها بعدُ: أنتِ قد سَلمتِ وقد رأيتِ، فكيف لا رأيتِ عذاب الله؟ قالت: ما أدري غير أنّ أسْلَم ليلةٍ ليلةَ لا ريح (١) [٦٧٥٦]. (ز)


[٦٧٥٦] اختُلف في معنى قوله: {حسوما} على أقوال: الأول: أنها المتتابعة. الثاني: أنها الريح التي تَحسم كلّ شيء. الثالث: مشائيم.
وعلَّق ابنُ عطية (٨/ ٣٨٦) على القول الأول الذي قاله ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة، وعكرمة، ومجاهد، وسفيان، والكلبي، والضَّحّاك، بقوله: «ومنه كما تقول العرب: ما لقيته حولًا مجرّمًا». وعلَّق (٨/ ٣٨٧) على القول الثاني الذي قاله ابن زيد، والعَوفيّ، بقوله: «ومعناه: أنّ تلك الأيام قطّعتهم بالإهلاك، ومنه: حسْم العِلل، ومنه: الحُسام».
ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ٢١٤ - ٢١٥) -مستندًا إلى الإجماع- القول الأول، فقال: «لإجماع الحجة مِن أهل التأويل على ذلك». ثم ذكر أنّ بعض أهل العربية يقول: الحُسوم: التّباع، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوله عن آخره قيل فيه: حُسوم. وعلَّق عليه بقوله: «وإنما أُخذ -والله أعلم- من: حَسَم الداء؛ إذا كُوى صاحبه؛ لأنه لحم يُكوى بالمكواة، ثم يُتابع عليه». وبيّن (١٤/ ٢١٣) أنه على القول الثاني فالحُسوم من صفة الريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>