للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَضَرُوهُ قالُوا أنْصِتُوا فَلَمّا قُضِيَ} يعني: فرغ من الصلاة، {ولَّوْا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: ٢٩] يعني: مؤمنين، لم يَعلم بهم نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَشعر أنه صُرف إليه، حتى أنزل الله عليه: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجنّ} (١). (ز)

٧٩٠٩٤ - عن محمد بن إسحاق، قال: كانت الأحبار من اليهود، والرُّهبان من النصارى، والكُهّان من العرب قد تحدَّثوا بأمْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مَبعثه لَمّا تَقارب من زمانه؛ أما الأحبار من يهود، والرُّهبان من النصارى فَعمّا وجدوا مِن صفته في كُتبهم وصفة زمانه لما كان في عهْد أنبيائهم إليهم فيه، وأما الكُهّان من العرب فيأتيهم به الشياطين من الجنّ فيما يَسرقون من السمع، إذ كانت وهي لا تُحجب عن ذلك بالقذْف بالنجوم، وكان الكاهن والكاهنة من العرب لا يزال يَقع منهما ذِكْر بعض أمْره لا تُلْقِي العرب فيه بالًا، حتى بَعثه الله - عز وجل -، ووقعتْ تلك الأمور التي كانوا يَذكرون، فعرفوها، فلمّا تَقارب أمْرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحضَر مَبعثه حُجبت الشياطين عن السمع، وحِيل بينها وبين المقاعد التي كانت تَقعد لاستراق السمع فيها، فرُموا بالنّجوم، فعَرفت الجنّ أنّ ذلك لأمْرٍ حَدث من الله - عز وجل - في العباد. يقول الله تعالى لنبيّه - عليه السلام - حين بَعثه، وهو يَقُصّ عليه خبر الجنّ إذ حُجبوا عن السمع، فعَرفوا ما عَرفوا وما أنكروا من ذلك حين رَأوا ما رَأوا: {قل أوحي إلي أنه استمع} إلى قوله: {أم أراد بهم ربهم رشدًا}. فلمّا سمعت الجنّ القول عَرفتْ أنها إنّما مُنعتْ من السمع قَبل ذلك له، لئلا يُشْكِل الوحيَ شيءٌ مِن خبر السماء، فيَلتبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله - عز وجل -، وقَطْعِ الشُّبَهِ (٢)، فآمنوا وصدَّقوا ثم {ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا} إلى آخر الآية [الأحقاف: ٢٩ - ٣٠] (٣). (ز)

٧٩٠٩٥ - عن عبد الملك، قال: لم تُحرس الجنُّ في الفَتْرة بين عيسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا بَعثَ الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حُرست السماء الدنيا، ورُميت الجنّ بالشّهاب، فاجتمعتْ إلى إبليس، فقال: لقد حَدث في الأرض حَدثٌ، فَتَعرَّفوا، فأَخبِرونا ما هذا الحَدث. فبَعثَ هؤلاء النّفر إلى تِهامة وإلى جانب اليمن، وهم أشراف الجنّ وسادتهم، فوجدوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلّي صلاة الغَداة بنَخلة، فسَمعوه يتلو القرآن، {فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا


(١) أخرجه ابن جرير ٢٣/ ٣١١ - ٣١٢.
(٢) أي: قَطْع الالتباس، والشبهة: الالتباس. اللسان والقاموس (شبه).
(٣) سيرة ابن إسحاق ص ٩٠ - ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>