للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَن كان منكم سيّدًا فيما مضى ... إنّ الخيار هم بنو الأخيارِ

فاقْصِد لقَصْدك يا معيكرُ إنما ... كان المجير مُهلهل بن دِثارِ.

فقال الشيخ: صَدقتَ، كان أبوك سيّدنا وأفضلنا، دعْ عنك هذا الرجل، لا أنازعك بعده أحدًا. فترَكه، فأتى الرجلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقصّ عليه القِصَّة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أصاب أحدًا منكم وحْشة، أو نَزل بأرض مَجَنّة؛ فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزهنّ بَرٌّ ولا فاجر، مِن شرّ ما يَلج في الأرض وما يَخرج منها، وما يَنزل من السماء وما يَعرج فيها، ومِن فِتن الليل، ومن طوارق النهار، إلا طارقًا يَطْرُق بخير». فأنزل الله في ذلك: {وأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجنّ فَزادُوهُمْ رَهَقًا} (١). (١٥/ ١١)

٧٩١٣٦ - عن سعيد بن جُبَير: أنّ رجلًا من بني تميم -يُقال له: رافع بن عُمير- حدّث عن بدء إسلامه، قال: إني لأسير برمل عالجٍ ذات ليلة إذ غَلبني النوم، فنَزَلَتُ عن راحلتي، وأنختُها، ونمتُ، وقد تعوّذتُ قبل نومي، فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجنّ. فرأيتُ في منامي رجلًا بيده حَربةٌ يريد أن يضعها في نَحر ناقتي، فانتبهتُ فزعًا، فنظرتُ يمينًا وشمالًا، فلم أر شيئًا، فقلتُ: هذا حُلْمٌ. ثم عَدتُ، فغفوتُ، فرأيتُ مثل ذلك، فانتبهتُ، فنظرتُ حول ناقتي، فلم أر شيئًا، وإذا ناقتي تُرْعَد، ثم غفوتُ، فرأيتُ مثل ذلك، فانتبهتُ، فرأيتُ ناقتي تَضطرب، والتفتُ، فإذا أنا برجلٍ شابٍّ كالذي رأيتُه في المنام بيده حَربة، ورجلٌ شيخٌ مُمسكٌ بيده يردّه عنها، فبينما هما يتنازعان إذ طَلعتْ ثلاثة أثوار من الوَحْش، فقال الشيخ للفتى: قُم، فخُذ أيها شئتَ؛ فداءً لناقة جاري الإنسيّ. فقام الفتى، فأخذ منها ثَورًا، ثم التفتَ إلَيَّ الشيخ، وقال: يا هذا، إذا نَزَلَتَ واديًا من الأودية فخِفتَ هَوْله فقل: أعوذ بالله ربّ محمد مِن هَوْل هذا الوادي. ولا تعُذ بأحدٍ مِن الجنّ؛ فقد بَطل أمْرها. فقلتُ له: ومَن محمد هذا؟ قال: نبي عربيّ، لا شرقيّ ولا غربيّ، بُعث يوم الاثنين. قلتُ: فأين مَسكنه؟ قال: يَثرِب ذات النّخل. فركبتُ راحلتي حين بَرق لي الصبح، وجَددتُ السَّير حتى أتيتُ المدينة، فرآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحدّثني بحديثي قبل أنْ أذكر له منه شيئًا، ودعاني إلى الإسلام، فأسلمتُ. قال سعيد بن جُبَير?:


(١) عزاه السيوطي إلى أبي نصر السجزي في الإبانة.
وذكر السيوطي عنه قوله: «غريب جدًّا، لم نكتبه إلا من هذا الوجه».

<<  <  ج: ص:  >  >>