للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُقْسِمُ} توكيد للقَسَم، كقوله: لا واللهِ (١) [٦٨٩٥] [٦٨٩٦]. (ز)


[٦٨٩٥] اختُلف في {لا} المُبتدأ بها في قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة} على ثلاثة أقوال: الأول: أنها صلة، ومعنى الكلام: أُقسِم بيوم القيامة. الثاني: أنها دخلت توكيدًا للكلام. الثالث: أنها ردٌّ لكلام مضى من كلام المشركين في إنكار البعث، ثم ابتدأ القَسم فقال: أُقسِم بيوم القيامة. ونسبه ابنُ جرير (٢٣/ ٤٦٨) لبعض نحاة الكوفة. وذكر أنّ مَن قال بالقول الثالث كان يقول: كلّ يمين قبلها ردّ لكلام، فلابد من تقديم «لا» قبلها؛ ليُفرَّق بذلك بين اليمين التي تكون جحدًا، واليمين التي تستأنف، ويقول: ألا ترى أنك تقول مُبتدئًا: واللهِ، إنّ الرسول لحقّ. وإذا قلتَ: لا، واللهِ إنّ الرسول لحقّ. فكأنك أكذبتَ قومًا أنكروه. ورجَّحه مستندًا إلى اللغة، فقال: «لأنّ المعروف من كلام الناس في محاوراتهم إذا قال أحدهم: لا واللهِ، لا فعلتُ كذا، أنه يقصد بـ» لا «ردّ الكلام، وبقوله: واللهِ، ابتداء يمين، وكذلك قولهم: لا أُقسِم بالله لا فعلتُ كذا. فإذا كان المعروف من معنى ذلك ما وصفنا فالواجب أن يكون سائر ما جاء من نظائره جاريًا مجراه، ما لم يخرج شيء من ذلك عن المعروف بما يجب التسليم له».
[٦٨٩٦] اختُلف هل قوله: {ولا أقسم بالنفس باللوامة} قَسَم أم لا؟ على قولين: الأول: أنه تعالى أقسَم بالنفس اللوامة كما أقسَم بيوم القيامة؛ فيكونان قسمين. الثاني: أنه أقسَم بيوم القيامة ولم يُقسِم بالنفس اللوامة، ويكون تقدير الكلام: أُقسِم بيوم القيامة، ولا أُقسِم بالنفس اللوامة.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٣/ ٤٦٨) -مستندًا إلى اللغة- القول الأول الذي قاله ابن عباس، وقتادة، وذلك أنّ «الجميع من الحُجّة مُجمِعون على أنّ قوله: {لا أقسم بيوم القيامة} قَسَم، فكذلك قوله: {ولا أقسم بالنفس اللوامة} إلا أن تأتي حُجّة تدل على أنّ أحدهما قَسَم والآخر خبر. وقد دللنا على أنّ قراءة مَن قرأ الحرف الأول» لأقسم «بوصل اللام بـ» أقسم «قراءة غير جائزة بخلافها ما عليه الحُجّة مُجمِعة».
ورجَّحه ابنُ كثير (١٤/ ١٩٢)، فقال: «والصحيح أنه أقسَم بهما جميعًا». ولم يذكر مستندًا.
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٤٧١) أنّ الجمهور على هذا القول.
وذكر ابنُ كثير أنّ قراءة الوصل «لأقسم» توجّه القول الثاني الذي قاله الحسن؛ لأنه أثبتَ القَسَم بيوم القيامة، ونفى القَسَم بالنفس اللوامة.
وانتقد ابنُ عطية القول الثاني، فقال: «وذلك قلق، وهو في القراءة الثانية أمكن» أي: قراءة: «لأقسم» بالوصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>