للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تَلقى ابن آدم إلا تَنزع نفسه إلى معصية الله قُدُمًا قُدُمًا، إلا مَن قد عَصَم الله (١). (ز)

٨٠٠٣٤ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ}، قال: لا تَلقى ابن آدم إلا تَنزع نفسه إلى معصية الله قُدُمًا قُدُمًا، إلا مَن عَصَم الله (٢). (١٥/ ٩٩)

٨٠٠٣٥ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق عمرو- {بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ}، قال: قُدُمًا (٣). (ز)

٨٠٠٣٦ - عن إسماعيل السُّدِّيّ: {بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ}، يعني: لِيَظلم على قدر طاقته (٤) [٦٩٠٣]. (ز)

٨٠٠٣٧ - قال مقاتل بن سليمان: {بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ} يعني: عديّ بن ربيعة {لِيَفْجُرَ أمامَهُ} يعني: تقديم المعصية وتأخير التوبة يومًا بيوم، يقول: سأتوب، حتى يموت على شرّ عَمَله، وقد أهلك أمامه (٥). (ز)

٨٠٠٣٨ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ}، قال: يُكذّب بما أمامه يوم القيامة والحساب (٦) [٦٩٠٤]. (ز)


[٦٩٠٣] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٤٧٢) أنّ الضمير في قوله: {أمامه} عائد على الإنسان على هذا القول الذي قاله ابن عباس من طريق أبي الخير، وابن جُبَير، والعَوفيّ، وقاله مجاهد، والحسن، وعكرمة، وابن جُبَير، والضَّحّاك، والسُّدِّيّ.
[٦٩٠٤] اختُلف في المراد بقوله: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} على أقوال: الأول: معناه: أن يُعجِّل الذَّنب، ويُسوّف التوبة. الثاني: بل يريد أن يرتكب الآثام في الدنيا لقوة أمله، ولا يذكر الموت. الثالث: بل يريد الإنسان ليَكفر بالحقّ الذي بين يدي القيامة. الرابع: بل يريد الإنسان الكافر أن يُكذّب بالقيامة.
ورجَّح ابنُ القيم (٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨) -مستندًا إلى السياق، واللغة- القول الأخير الذي قاله ابن عباس من طريق علي، وقاله ابن زيد، فقال: «ويُرجّح هذا القول لفظة {بلى}؛ فإنها تُعطي أنّ الإنسان لم يؤمن بيوم القيامة، مع هذا البيان والحُجّة، بل هو مريد للتكذيب به، ويُرجّحه أيضًا أنّ السياق كلّه في ذم المُكذّب بيوم القيامة، لا في ذم العاصي والفاجر، وأيضًا فإنّ ما قبل الآية وما بعدها يدل على المراد. فإنه قال: {أيَحْسَبُ الأِنْسانُ ألَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ} فأنكر -سبحانه- عليه حِسْبانه أنّ الله لا يَجمع عظامه، ثم قَرّر قدرته على ذلك، ثم أنكر عليه إرادة التكذيب بيوم القيامة. فالأول حِسبانٌ منه أن لا يُحييه بعد موته. والثاني: تكذيب منه بيوم البعث، وأنه يريد أن يُكذّب بما وضح وبان دليل وقوعه وثبوته؛ فهو مريد للتكذيب به. ثم أخبر عن تصريحه بالتكذيب، فقال: {يَسْأَلُ أيّانَ يَوْمُ القِيامَةِ}، فالأول إرادة التكذيب، والثاني نطق بالتكذيب وتكلم به».
وبنحوه ابنُ كثير (١٤/ ١٩٤)، فقال: «وهذا هو الأظهر من المراد؛ ولهذا قال بعده: {يسأل أيان يوم القيامة} أي: يقول متى يكون يوم القيامة؟! وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه، وتكذيب لوجوده، كما قال تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون} [سبأ: ٢٩ - ٣٠]».
وذكر ابنُ جرير (٢٣/ ٤٧٧) أنّ الضمير في قوله: {أمامه} على القول الثالث الذي قاله ابن عباس عائد على «يوم القيامة».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٨/ ٤٧٢)، ثم بيّن أنّ المعنى -على هذا القول-: «أنّ الإنسان هو في زمان وجوده أمام يوم القيامة وبين يديه، ويوم القيامة خلفه، فهو يريد شهواته ليَفْجُر في تكذيبه بالبعْث، وغير ذلك بين يدي يوم القيامة، وهو لا يعرف قدر الضرر الذي هو فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>