وذَهَبَ ابنُ جرير (٢٣/ ٥٨٣) إلى القول الأول استنادًا إلى أقوال السلف، فقال: «قوله: {فالعاصفات عصفا} يقول -جلّ ذِكْره-: فالرياح العاصفات عصفًا، يعني: الشديدات الهبوب السريعات المرّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل». وذَهَبَ ابنُ كثير (١٤/ ٢٢٠ بتصرف) إلى القول الأول، فقال: «الأظهر: أنّ العاصفات هي الرياح، يقال: عصفت الرياح: إذا هبَّتْ بتصويت». ولم يذكر مستندًا. وقال ابنُ القيم (٣/ ٢٤٣ - ٢٤٤): «إن كان العُرف مِن التتابُع كعُرف الفرس وعُرف الديك والناس إلى فلان عرف واحد، أي: سابقون في قصده والتوجه إليه؛ جاز أن تكون المرسلات الرياح، ويؤيّده عطف العاصفات عليه والنّاشرات، وجاز أن تكون الملائكة، وجاز أن يعمّ النوعين لوقوع الإرسال عُرفًا عليهما، ويؤيّده أنّ الرياح مُوكل بها ملائكة تسوقها وتُصرّفها، ويؤيّد كونها الرياح عطف العاصفات عليها بفاء التعقيب والتسبب فكأنها أُرسِلت فعَصفت، ومَن جعل المرسلات الملائكة قال: هي تعصف في مُضيّها مُسرعة كما تعصف الرياح، والأكثرون على أنها الرياح».