للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠٩٤٦ - قال مقاتل بن سليمان: {لابِثِينَ فِيها} يعني: في جهنم {أحْقابًا} يعني: في جهنم أحقابًا، وهي سبعة عشر حُقُبًا، يعني: الأزمنة والأحقاب لا يَدري عددها، ولا يَعلم منتهاها إلا الله - عز وجل -، الحُقُب الواحد ثمانون سنة، السنة فيها ثلاثمائة وستون يومًا، كلّ يوم فيها مِقدار ألف سنة، وكان هذا بمكة (١) [٦٩٨٧]. (ز)


[٦٩٨٧] اختُلف في الموصوف باللبث أحقابًا على قولين: الأول: الكفار. الثاني: عُصاة المؤمنين. وكذا اختُلف في مدة الحُقُب على أقوال: الأول: ألف شهر. الثاني: ثلاثون ألف سنة. الثالث: ثمانون سنة. الرابع: بضع وثمانون سنة. الخامس: أربعون سنة. السادس: ثلاثمائة سنة. السابع: ثمانون ألف سنة. الثامن: سبعون ألف سنة. التاسع: سبع عشرة ألف سنة. العاشر: أنّ الحُقُب لا حَدّ له.
وقد ذكر ابنُ جرير (٢٤/ ٢٦ بتصرف) هذا الخلاف، ثم قال: «الذي قاله قتادة والربيع بن أنس في ذلك أصح. فإن قيل: فما للكفار عند الله عذاب إلا أحقابًا. قيل: إنّ الربيع وقتادة قد قالا: إنّ هذه الأحقاب لا انقضاء لها ولا انقطاع. وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك: {لابثين فيها أحقابا}، في هذا النوع من العذاب هو أنهم: {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا}، فإذا انقضتْ تلك الأحقاب صار لهم من العذاب أنواع غير ذلك، كما قال -جلّ ثناؤه- في كتابه: {وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج} [ص: ٥٥ - ٥٨]، وهذا القول عندي أشبه بمعنى الآية».
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٥١٨) هذه الأقوال، ثم قال معلّقًا: «اللازم أنّ الله تعالى أخبر عن الكفار أنهم يَلبثون أحْقابًا، كلّما مَرّ حُقُب جاء غيره إلى ما لا نهاية». وانتقد -مستندًا إلى السياق- قول مَن جعلها في عُصاة المؤمنين بقوله: «وهذا أيضًا ضعيف، ما بعده في السورة يرد عليه».
وذكر ابنُ تيمية (٦/ ٤٥٣) نحو ما جاء في كلام ابن جرير مِن أنّ قوله: {لابثين فيها أحقابا} أي: في هذا النوع من العذاب عن الزّجّاج، وانتقده مستندًا إلى الدلالة العقلية، والإجماع، فقال: «وهذا الذي قاله الزّجّاج شاذٌّ، خلاف ما عليه الأولون والآخرون، وهو خلاف ما دلّ عليه القرآن، فإنّ هذا يقتضي أنهم يَبقون بعد الأحقاب فيها، ولكن لا يَذوقون البرد والشراب حينئذ، وهذا باطل قطعًا، ثم إذا ذاقوا البَرد والشراب فهذا نعيم، فكيف يكونون مُعذّبين فيها ذلك؟!».

<<  <  ج: ص:  >  >>