ووجّه ابنُ عطية (٨/ ٥٣٨) القول الثالث، فقال: «قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هم الملائكة؛ لأنهم كَتبة، يقال: سفرتُ أي: كتبتُ، ومنه السِّفْر». ووجّه القول الرابع، فقال: «وقال وهْب بن مُنَبّه: هم الصحابة؛ لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والتعلم». وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ١٠٩) القول الثالث مستندًا إلى اللغة، فقال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول مَن قال: هم الملائكة الذين يسفرون بين الله ورسله بالوحي. وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا أصلحت بينهم، ومنه قول الشاعر: وما أدعُ السِّفارة بين قومي وما أمشي بغشٍّ إنْ مشيتُ". ثم بيّن احتمال الآية للوجهين الآخرين، فقال: «وإذا وجّه التأويل إلى ما قلنا احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتَبة. والذي قاله القائلون: هم القرّاء. لأنّ الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتسفر بين الله وبين رسله». وبنحو ترجيحه رجّح ابنُ عطية، وبيّن أنّ الصُّحف على هذا هي صحف عند الملائكة، أو هي اللوح، وذكر أنّ الصُّحف على القول الثاني هي المصاحف.