للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شِقّاه إلى الأرض، وقال للغلام: ارجع عن دينك. فأبى، فبعث به مع نفرٍ إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، وإلا فدهدِهوه (١) من فوقه. فذهبوا به، فلما علَوا به الجبل قال: اللهم، اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل، فتدهدهوا أجمعين، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابُك؟ قال: كفانيهم الله. فبعث به مع نفرٍ في قُرْقُور (٢)، فقال: إذا لجَجتم (٣) به البحر فإن رجع عن دينه، وإلا فغرِّقوه. فلجَّجوا به البحر، فقال الغلام: اللهم، اكفنيهم بما شئت. فغرقوا أجمعين، وجاء الغلام يتلمَّس حتى دخل على المَلِك، فقال: ما فعل أصحابُك؟ قال: كفانيهم الله. ثم قال للمَلِك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإنْ أنتَ فعلتَ ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لن تستطيع قتلي. قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهمًا مِن كنانتي، ثم قُل: بسم الله ربّ الغلام. فإنك إذا فعلتَ ذلك قتلتني. ففعل، ووضع السهم في كبد القوس، ثم رماه، وقال: بسم الله ربّ الغلام. فوقع السهم في صُدْغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم، ومات، فقال الناس: آمنّا بربّ الغلام. فقيل للمَلِك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد -واللهِ- نزل بك هذا مِن الناس كلّهم! فأمر بأفواه السِّكك فخُدَّتْ فيها الأخدود، وأضْرِمتْ فيها النيران، وقال: مَن رجع عن دينه فدَعُوه، وإلا فأقحِموه فيها. فكانوا يتقارعون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأةٌ بابن لها صغير، فكأنها تقاعستْ أن تقع في النار، فقال الصبي: يا أُمَّه، اصبري؛ فإنّكِ على الحق» (٤). (١٥/ ٣٤١)

٨٢٤٢٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: كان بنجران مَلِكٌ من ملوك حِمْيَر يُقال له: يوسف ذو نواس بن شرحبيل، في الفترة قبل مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعين سنة، وكان في بلاده غلام يُقال له: عبد الله بن تامر، وكان أبوه قد سلّمه إلى مُعلِّم يُعلّمه السحر، فكره ذلك الغلامُ، ولم يجد بُدًّا مِن طاعة أبيه، فجعل يختلف إلى


(١) دهدهوه: دحرجوه. اللسان (دهده).
(٢) القرقور: السفينة الصغيرة، وقيل: الكبيرة. صحيح مسلم بشرح النووي ١٨/ ١٣١، وينظر: النهاية (قرقر).
(٣) لجج القوم: إذا دخلوا في اللّجة، ولجة البحر: معظمه، وحيث لا يدرك قعره. اللسان (لجج).
(٤) أخرجه مسلم ٤/ ٢٢٩٩ - ٢٣٠٠ (٣٠٠٥)، وابن جرير ٢٤/ ٢٧٣ - ٢٧٦ بنحوه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>