للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرجل الذي قد خالف ديننا وسبَّ آلهتنا، ويدعو إلى غير ديننا، وليس يزداد أمره إلا كثرة ونحن في قِلّة، وينبغي لنا أن نحتال؟ ثم قال: يا عمرو بن عمير، ما تقول فيه؟ قال عمرو: رأيي فيه أن نُردفه على بعير، فنَشدّ وثاقه، فنُخرجه مِن الحرم؛ فيكون شَرُّه على غيرنا. قال إبليس: عند ذلك بئس الرأي رأيتَ، يا شيخ، تَعمد إلى رجل قد ارتكب منكم ما قد ارتكب، وهو أمر عظيم، فتطردونه! فلا شكّ أنه يذهب، فيجمع جموعًا، فيُخرجكم مِن أرضكم. قالوا: ما تقول، يا أبا البَختري؟ قال: أما -واللهِ- إنّ رأيي فيه ثابت. قالوا: ما هو؟ قال: نُدخله في بيت، فنَسُدُّ بابه عليه، ونترك له ثلمة قدْر ما يتناول طعامه وشرابه، ونتربّص به إلى أن يموت. قال إبليس عند ذلك: بئس -واللهِ- الرأي رأيتَ، يا شيخ، تَعمدون إلى رجل هو عدّو لكم، فتربّونه، فلا شكّ أن يغضب له قومه، فيقاتلونكم حتى يُخرجوه من أيديكم، فما لكم وللشرّ؟! قالوا: صدق، والله، فما تقول، يا أبا جهل؟ قال: تَعمدون إلى كلِّ بطن مِن قريش، فنختار منهم رجالًا، فنمكّنها مِن السيوف، ويمشون لهم بجماعتهم، فيَضربونه حتى يَقتلوه، فلا يستطيع بنو هاشم أن تُعادي قريشًا كلّهم، وتُؤدّون ديته. قال إبليس: صدق -واللهِ- الشاب. فخرجوا على ذلك القول راضين بقتْله، وسمع عمُّه أبو طالب -واسمه: عبد العُزّى بن عبد المطلب-، فلم يُخبر محمدًا لعلّه أن يَجزع مِن القتل، فيهرب، فيكون مسبّة عليهم؛ فأنزل الله - عز وجل -: {أمْ أبْرَمُوا أمْرًا فَإنّا مُبْرِمُونَ} [الزخرف: ٧٩]. يقول: أم أجمعوا أمْرًا على قتْل محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإنّا مُجمِعون أمْرًا على قتْلهم ببدر. وقال: {أمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ المَكِيدُونَ} [الطور: ٤٢]، وقال: {إنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الكافِرِينَ أمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}. قال: فسمع أبو طالب ما سمع. قال: يا ابن أخي، ما هذه الهينمة؟ قال: أما تعلم -يا عمّ- ما أرادتْ قريش؟ قال: قد سمعتُ ما سمعتَه، يا ابن أخي. قال: نعم. قال: ومَن أخبرك بذلك؟ قال: ربي. قال: أما -واللهِ، يا ابن أخي- إنّ ربّك بك لَحفيظ، فامضِ لِما أُمرتَ، يا ابن أخى، فليس عليك غضاضة (١). (ز)

٨٢٦٣٧ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {فَمَهِّلِ الكافِرِينَ أمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}، قال: مهِّلْهم، فلا تَعجل عليهم. ترَكَهم، حتى لما أراد الانتصار منهم أمره بجهادهم، وقتالهم، والغِلظة عليهم (٢). (ز)


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٦٦٠ - ٦٦٢. يقال: ليس عليك في هذا الأمر غضاضة، أي ذلة ومنقصة. الصحاح (غضض).
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٤/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>