وذكر ابن القيم (٣/ ٢٩٦) أنّ قوله تعالى: {والفَجْرِ} «إنْ أريد به جنس الفجر كما هو ظاهر اللفظ فإنه يتضمّن وقت صلاة الصبح، التي هي أول الصلوات، فافتتح القسم بما يتضمّن أول الصلوات، وختمه بقوله: {واللَّيْلِ إذا يَسْرِ} المتضمّن لآخر الصلوات: وإنْ أريد بالفجر فجر مخصوص فهو فجر يوم النَّحر وليلته التي هي ليلة عرفة، فتلك الليلة من أفضل ليالي العام، وما رئي الشيطان في ليلة أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه فيها، وذلك الفجر فجر يوم النَّحر الذي هو أفضل الأيام عند الله ... وعلى هذا فقد تضمّن القَسم المناسك والصلوات، وهما المختصان بعبادة الله والخضوع له والتواضع لعظمته، ولهذا قال الخليل - عليه السلام -: {قُلْ إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ} [الأنعام: ١٦٢]، وقيل لخاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ} [الكوثر: ٢]، بخلاف حال المشركين المُتكبِّرين الذين لا يعبدون الله وحده، بل يُشركون به، ويستكبرون عن عبادته كحال مَن ذُكر في هذه السورة من قوم عاد وثمود وفرعون».