للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغَ أرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أوْزِعْنِي} الآية [الأحقاف: ١٥]، فاستجاب الله له، فأسلم والداه جميعًا وإخوانه وولده كلّهم، ونزلت فيه أيضًا: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى} إلى آخر السورة (١). (١٥/ ٣٢٦)

٨٣٥٩٠ - عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير -من طريق محمد بن عبيد الله- قال: كان أبو بكر يُعتق على الإسلام بمكة، فكان يُعتق عجائز ونساء إذا أسلمْن، فقال له أبوه: أي بُنَيّ، أراك تُعتق أناسًا ضعفاء، فلو أنك تُعتق رجالًا جُلْدًا يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك! قال: أي أبتِ، إنما أريد ما عند الله. قال: فحدَّثني بعض أهل بيتي أنّ هذه الآية نزلت فيه: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى وصَدَّقَ بِالحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى} (٢). (١٥/ ٤٧٢)

٨٣٥٩١ - قال مقاتل بن سليمان: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى} نزلت هذه الآية في أبي بكر الصِّدِّيق?، وذلك أنه مَرّ على أبي سفيان، وهو صخر بن حرب، وإذا هو يُعذِّب بلالًا على إسلامه، وقد وضع حجرًا على صدره، فهو يُعذّبه عذابًا شديدًا، فقال له أبو بكر الصِّدِّيق?: أُتعذّب عبدًا على معرفة ربِّه؟ قال أبو سفيان: أما -والله- إنه لم يُفسد هذا العبدَ الأسودَ غيرُكم، أنتَ وصاحبك. يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال له أبو بكر?: هل لك أنْ أشتريه منك؟ قال: نعم. قال أبو بكر: واللهِ، ما أجد لهذا العبد ثمنًا. قال له صخر بن حرب: واللهِ، إنّ جبلًا من شَعر أحبّ إليّ منه. فقال له الصِّدِّيق أبو بكر: واللهِ، إنه خير من مِلء الأرض ذهبًا. قال له أبو سفيان: اشتره مني. قال له أبو بكر: قد اشتريتُ هذا العبد الذي على ديني بعبدٍ مثله على دينك. فرضي أبو سفيان، فاشترى أبو بكر بلالًا?، فأَعتقه، قال أبو سفيان لأبي بكر?: أفسدتَ مالك ومال أبي قحافة. قال: أرجو بذلك المغفرة من ربي. قال: متى هذا؟ قال أبو بكر?: يوم تدخل سقر تُعذّب. قال: أليس تعِدني هذا بعد الموت؟ قال: نعم. قال: فضحك الكافر، واستلقى، وقال: يا عتيق، أتعِدني البعث بعد الموت، وتأمرني أنْ أرفض مالي إلى ذلك اليوم؟! لقد خسرتَ، واللّات والعُزّى، إنّ مالك قد ضاع، وإنك لا تصيب مثله أبدًا. قال له أبو بكر?: والله، لأُذكِّرنك هذا اليوم، يا أبا سفيان. فأنزل الله - عز وجل -: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى وصَدَّقَ بِالحُسْنى} (٣). (ز)


(١) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٤/ ٤٦٦، وابن عساكر ٣٠/ ٦٩.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٧٢١ - ٧٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>