للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لموعده، واحتبس عليّ جبريل». فلما أراد أن يرجع إذا هو به وبميكائيل، فهبط جبريل إلى الأرض وميكائيل بين السماء والأرض، قال: «فأخذني جبريل، فصلَقني لحُلاوة القفا (١)، وشقَّ عن بطني، فأخرج منه ما شاء الله، ثم غسله في طَسْتٍ من ذهب، ثم أعاده فيه، ثم كفأني كما يُكفأ الإناء، ثم ختم في ظهري حتى وجدتُ مسّ الخاتم، ثم قال لي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ولم أقرأ كتابا قطّ، فأخذ بحَلْقي حتى أجهشتُ بالبكاء، ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوله: {ما لَمْ يَعْلَمْ}». قال: «فما نسيتُ شيئًا بعد، ثم وزَنني برجل فوَزَنتُه، ثم وزَنني بآخر فوَزَنتُه، ثم وزَنني بمائة، فقال ميكائيل: تتبعه أُمّته، وربّ الكعبة». قال: «ثم جئتُ إلى منزلي، فما تلقّاني حجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك، يا رسول الله، حتى دخلتُ على خديجة، فقالت: السلام عليك، يا رسول الله» (٢). (١٥/ ٥٢٤)

٨٤٠٧٣ - عن عائشة أم المؤمنين -من طريق عروة- أنها قالت: أول ما بُدِئ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فَلَق الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنّث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن يَنزِع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزوّد لمثلها حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه المَلك، فقال: اقرأ. قال: «قلتُ: ما أنا بقارئ». قال: «فأخذني، فغطّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسَلني، فقال: اقرأ. فقلتُ: ما أنا بقارئ». قال: «فأخذني، فغطّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسَلني، فقال: اقرأ. فقلتُ: ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسَلني، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ}» الآية. فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خُوَيلِد، فقال: «زمِّلوني، زمِّلوني». فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْع (٣)، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: «لقد خشيتُ على نفسي». فقالت


(١) فصلقني لحلاوة القفا: صلقني يروى بالسين والصاد، والسين أكثر، والمعنى: أضجعني على وسط القفا، لم يمل بي إلى أحد الجانبين، ويروى بضم الحاء وفتحها وكسرها. النهاية (حلا، سلق).
(٢) أخرجه الطيالسي في مسنده ٣/ ١٢٥ - ١٢٧ (١٦٤٣)، من طريق أبي عمران الجوني، عن رجل، عن عائشة به.
وأخرجه الحارث في مسنده -كما في المطالب العالية ١٧/ ٢٤٠ - ، من طريق أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة به. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٣/ ١٢٧ (٢٣٦٢): «سند حسن».
(٣) الروع: الفزع، صحيح مسلم بشرح النووي ٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>