للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملِك؟ فقال له ذلك التُّرجُمان، فقال له عبد المُطَّلِب: حاجتي إلى الملِك أن يردّ عليّ مائتي بعير أصابها لي. فلما قال له ذلك قال أبْرَهَة لتُرْجُمانه: قُل له: قد كنتَ أعجبتني حين رأيتُك، ثم زهدتُ فيك حين كلّمتني، أتكلّمني في مائتي بعير أصبتُها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدْمه فلا تكلّمني فيه؟! قال له عبد المُطَّلِب: إني أنا ربّ الإبل، وإنّ للبيت ربًّا سيمنعه. قال: ما كان ليُمنع مني. قال: أنتَ وذاك، اردد إليّ إبلي.

وكان -فيما زعم بعض أهل العلم- قد ذهب مع عبد المُطَّلِب إلى أبْرَهَة، حين بعث إليه حُناطة، يعمُر بن نُفاثة بن عدي بن الدُّئل بن بكر بن عبد مَناة بن كنانة، وهو يومئذ سيّد بني كنانة، وخُوَيْلد بن واثلة الهُذلي وهو يومئذ سيّد هُذيل، فعرضوا على أبْرَهَة ثُلُث أموال تِهامة على أن يرجع عنهم، ولا يهدم البيت، فأبى عليهم، والله أعلم.

وكان أبْرَهَة قد ردّ على عبد المُطَّلِب الإبل التي أصاب له، فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المُطَّلِب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرُّز في شَعْف الجبال والشِّعاب، تخوّفًا عليهم من مَعرّة الجيش، ثم قام عبد المُطَّلِب، فأخذ بحلقة الباب باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبْرَهَة وجنده، فقال عبد المُطَّلِب وهو آخذ حلقة باب الكعبة:

يا ربِّ لا أرجو لهم سِواكا

يا ربِّ فامنع منهم حِماكا

إن عدوَّ البيت مَن عاداكا

امنعهم أن يُخْربوا قراكا

لاهُمّ إن العبد يمـ ... ــنع رحْله فامنع حِلالك

لا يغلبنّ صليبُهم ... ومِحالهم غدوا مِحالك

فلئن فعلتَ فربما ... أولى فأمرٌ ما بدا لك

ولئن فعلتَ فإنه ... أمرٌ تُتم به فِعالك

وكنتَ إذا أتى باغٍ بسَلْم ... نُرجِّي أن تكون لنا كذلك

فولَّوا لم ينالوا غير خِزي ... وكان الحين يُهلكهم هنالك

ولم أسمع بأرجسَ من رجال ... أرادوا العز فانتهكوا حَرامك

جرُّوا جموع بلادهم ... والفيل كي يَسْبوا عيالك

<<  <  ج: ص:  >  >>