للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٠٥٥ - عن عمر بن عبد العزيز، قال: كانت قريش في الجاهلية تَعْتَفِد (١)، وكان اعتفادها أنّ أهل البيت منهم كانوا إذا سافتْ -يعني: هلكتْ- أموالهم خرجوا إلى بَراز من الأرض، فضربوا على أنفسهم الأخبية، ثم تناوبوا (٢) فيها حتى يموتوا، من قبل أن يُعلم بخَلّتهم (٣)، حتى نشأ هاشم بن عبد مناف، فلما وبَل (٤) وعظم قدره في قومه قال: يا معشر قريش، إنّ العِزّ مع كثرة العدد، وقد أصبحتم أكثر العرب أموالًا، وأعزّهم نفرًا، وإنّ هذا الاعتفاد قد أتى على كثير منكم، وقد رأيتُ رأيًا. قالوا: رأيك رشدٌ، فمُرنا نأتمر. قال: رأيتُ أنْ أخلط فقراءكم بأغنيائكم، فأعمد إلى رجل غني فأضم إليه فقيرًا، عياله بعدد عياله، فيكون يوازره في الرحلتين؛ رحلة الصيف إلى الشام، ورحلة الشتاء إلى اليمن، فما كان في مال الغني من فضل عاش الفقير وعياله في ظِلّه، وكان ذلك قطعًا للاعتفاد. قالوا: نِعم ما رأيتَ. فألّف بين الناس، فلما كان من أمر الفيل وأصحابه ما كان، وأنزل الله ما أنزل، وكان ذلك مفتاح النبوة، وأول عِزّ قريش حتى هابهم الناس كلّهم، وقالوا: أهل الله، والله معهم. وكان مولد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك العام، فلما بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - كان فيما أنزل عليه يعرّف قومه ما صنع إليهم، وما نصرهم من الفيل وأهله: {ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الفِيلِ} إلى آخر السورة. ثم قال: ولِمَ فعلتُ ذلك -يا محمد- بقومك، وهم يومئذ أهل عبادة أوثان؟! فقال: {لِإيلافِ قُرَيْشٍ} إلى آخر السورة. أي: لتراحمهم وتواصلهم، وإن كان الذي آمنهم منه من الخوف؛ خوفَ الفيل وأصحابه، وإطعامَهم إياهم من الجوع؛ من جوع الاعتفاد (٥). (١٥/ ٦٧٤)

٨٥٠٥٦ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {وآمَنَهُمْ مِن خَوْفٍ}، قال: مِن كلّ عدوٍّ في حَرمهم (٦). (١٥/ ٦٧٣)


(١) الاعتفاد -وبالقاف أيضًا-: أن يغلق الرجل عليه بابه، فلا يسأل أحدًا حتى يموت جوعًا، وكانوا يفعلون ذلك في الجدب. التاج (عفد، عقد).
(٢) التناوب: أن يكون على كل واحد منهم نوبة ينوبها، أي: طعام يوم. وتناوب القوم فيما بينهم الماء أو غيره: تقاسموه. اللسان (نوب).
(٣) الخلة: الحاجة والفقر. النهاية (خلل).
(٤) الوبل: المطر الشديد، ووُصف به هنا لسعة عطاياه. اللسان (وبل).
(٥) عزاه السيوطي إلى الزُّبير بن بكار في الموفقيات.
(٦) تفسير مجاهد ص ٧٥٢، وأخرجه الفريابي -كما في التغليق ٤/ ٣٧٧ - ، وابن جرير ٢٤/ ٦٥٤. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>