للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والملك، لا شريك لك، اللهم أشهد أنك فَرْدٌ أحدٌ صمدٌ، لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوًا أحد، وأشهد أنّ وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنّك تبعث مَن في القبور» (١). (٢/ ٢٧٠)

٥٧٨٢ - عن نافع بن معد يكرب، قال: كنتُ أنا وعائشةُ، فقالتْ: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}. قال: «يا ربّ، مسألة عائشة. فهبط جبريل، فقال: اللهُ يُقْرِئُك السلامَ، هذا عبدي الصالح بالنية الصادقة، وقلبه تقيٌّ، يقول: يا ربِّ. فأقول: لبيك. فأقضي حاجتَه» (٢). (٢/ ٢٧٠)

٥٧٨٣ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {وإذا سَألك عبادي عَني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دَعان}، قال: ليس من عَبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذي يدعو به هو له رزقٌ في الدنيا أعطاه إيّاه، وإن لم يكن له رزقًا في الدنيا ذَخره له إلى يوم القيامة، أو دفع عنه به مكروهًا (٣). (ز)

٥٧٨٤ - قال مقاتل بن سليمان: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}، أي: فأَعْلِمْهُم أنِّي قريب منهم في الاستجابة (٤) [٦٥٤]. (ز)


[٦٥٤] قال ابنُ جرير (٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨): «فإن قال لنا قائل: فأنت ترى كثيرًا من البشر يدعون الله فلا يُجاب لهم دعاء! قيل: إنّ لذلك وجهين من المعنى: أحدهما: أن يكون معنيًّا بالدعوة: العملُ بما ندب الله إليه وأمر به. فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني فإنِّي قريب ممن أطاعني وعمل بما أمرته به، أجيبه بالثواب على طاعته إيّاي إذا أطاعني. فيكون معنى الدعاء: مسألة العبد ربه ما وعد أولياءه على طاعتهم بعملهم بطاعته. ومعنى الإجابة من الله التي ضمنها له: الوفاء له بما وعد العاملين له بما أمرهم به. كما رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: «إنّ الدعاء هو العبادة». ثم قرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: ٦٠]. فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنّ دعاء الله إنّما هو عبادته ومسألته بالعمل له والطاعة. والوجه الآخر: أن يكون معناه: أجيب دعوة الداع إذا دعانِ إن شئت. فيكون ذلك -وإن كان عامًّا مخرجه في التلاوة- خاصًّا معناه».
وقال ابنُ عطية (١/ ٤٤٦): «وقال قومٌ: إنّ الله تعالى يجيب كُلَّ الدعاء؛ فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا، وإما أن يُكَفَّر عنه، وإما أن يُدَّخر له أجر في الآخرة، وهذا بحسب حديث: «ما من مسلم يدعو الله - عز وجل - بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يُعَجِّل له دعوته، وإما أن يَدَّخِرَها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها». قالوا: إذًا نُكْثِر. قال: «الله أكثر»».
وقال ابنُ تيمية (١/ ٤٣٥): «قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} يتناول نَوْعَيِ الدعاء، وبكلٍّ منهما فُسِّرَت الآية. قيل: أُعطِيه إذا سألني. وقيل: أُثيبُه إذا عبدني. وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه؛ بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعًا، فتأمّله فإنه موضوع عظيم النفع، وقلّ ما يُفطَن له».
وبنحوه ابنُ القيم (١/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>