ووجَّه ابنُ عطية (٨/ ٧٠٠) القول الثالث بقوله: «فالنَّحر -على هذا- ليس بمصدر نَحَرَ، بل هو الصدر». وعلَّق عليه ابنُ كثير (١٤/ ٤٨١) بقوله: «يُروى هذا عن علي، ولا يصح». وعلَّق ابنُ عطية على القول السابع بقوله: «وعلى هذا تكون الآية من المدني». ورجَّح ابنُ جرير (٢٤/ ٦٩٦) -مستندًا إلى السياق والدلالة العقلية- القول السادس وهو قول محمد بن كعب القُرَظيّ، فذكر أنّ الصواب: «فاجعل صلاتك كلَّها لربِّك خالصًا دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نَحْرُك، اجْعَلْه له دون الأوثان، شكرًا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كُفْءَ له، وخصَّك به، من إعطائه إيّاك الكوثر». وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ الله -جلَّ ثناؤه- أخبر نبيّه بما أكرمه به مِن عطيَّتِه وكرامتِه وإنعامه عليه بالكوثر، ثم أتبع ذلك قولَه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَر}، فكان معلومًا بذلك أنه خصَّه بالصلاة له، والنَّحر على الشكر له، على ما أعْلَمه من النعمة التي أنعمها عليه، بإعطائه إيّاه الكوثر، فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعضٍ، وبعض النحر دون بعضٍ وجْهٌ، إذ كان حثًّا على الشكر على النعم». وعلَّق ابنُ كثير (١٤/ ٤٨٢) على ترجيح ابن جرير بقوله: «وهذا الذي قاله في غاية الحُسن، وقد سبقه إلى هذا المعنى: محمد بن كعب القُرَظيّ، وعطاء». وذكر ابنُ عطية (٨/ ٦٩٩) أنّ النَّحر: «نَحْر الهدي والنُّسك في الضحايا في قول جمهور الناس». ثم وجَّهه بقوله: «فكأنه تعالى قال: ليكن شغلك هذين، ولم يكن في ذلك الوقت جهاد». ورجَّح ابنُ كثير (١٤/ ٤٨٢) «أنّ المراد بالنَّحر: ذبح المناسك؛ ولهذا كان رسول الله يُصلِّي العيد، ثم يَنحَر نُسكه، ويقول: «مَن صَلّى صلاتنا، ونَسك نُسكنا، فقد أصاب النُّسك، ومَن نَسك قبل الصلاة فلا نُسك له». فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، إني نَسكتُ شاتي قبل الصلاة، وعرفتُ أنّ اليوم يوم يُشتهى فيه اللحم. قال: «شاتك شاة لحم». قال: فإنّ عندي عَناقًا هي أحبّ إليّ من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: «تجزئك، ولا تجزئ أحدًا بعدك»». وعلَّق ابنُ كثير (١٤/ ٤٨٢) على القول الثاني والثالث والثامن قائلًا: «وكلّ هذه الأقوال غريبة جدًّا».