للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا إله إلا الله. فخرج إليه أبو لهب، فقال: لِمَ تَدْعُونا؟ فقال: إني لا أملك لكم من الدنيا مَنعة، ولا من الآخرة نصيبًا حتى تقولوا: لا إله إلا الله». فقال له أبو لهب: تبًّا لك، ألهذا دعوتنا؟! فأنزل الله: {تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ} (١). (ز)

٨٥٤٤٢ - قال مقاتل بن سليمان: لما نزلت {وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] يعني: بني هاشم، وبني المُطَّلِب، وهما ابنا عبد مناف بن قُصيّ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا علي، قد أُمرتُ أنْ أُنذِر عشيرتي الأقربين، فاصنع لي طعامًا حتى أدعوهم عليه، وأُنذِرهم». فاشترى عليٌّ -رحمة الله عليه- رِجل شاة، فطبخها، وجاء بعُسٍّ (٢) من لبن، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بني هاشم وبني المُطَّلِب إلى طعامه، وهم أربعون رجلًا غير رجل، على رِجل شاة، وعُسٍّ من لبن، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى رَوُوا. فقال أبو لهب: لهذا ما سحركم به، الرجال العشرة مِنّا يأكلون الجَذعة، ويشربون العُسّ، وإنّ محمدًا قد أشبعكم أربعين رجلًا مِن رِجل شاة، ورواكم مِن عُسٍّ من لبن. فلما سمع ذلك منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقّ عليه، ولم يُنذِرهم تلك الليلة، وأمر النبيُّ عليًّا أن يتخذ لهم ليلة أخرى مثل ذلك، ففعل، فأكلوا حتى شبعوا، وشربوا حتى رَووا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا بني هاشم، ويا بني المُطَّلِب، أنا لكم النذير من الله، وأنا لكم البشير مِن الله؛ إني قد جئتكم بما لم يجئ به أحدٌ من العرب، جئتكم في الدنيا بالشّرف، فأسلِموا تسْلموا، وأطيعوني تهتدوا». فقال أبو لهب: تبًّا لك -يا محمد- سائر اليوم، لهذا دعوتنا؟! فأنزل الله - عز وجل - فيه: {تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ} (٣). (ز)

٨٥٤٤٣ - قال محمد بن إسحاق: لما مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الذي بُعِث به، وقامت بنو هاشم وبنو المُطَّلِب دونه، وأبَوا أن يُسلِموه، وهم مِن خلافه على مثل ما قومهم عليه، إلا أنهم أنِفوا أن يستذلوا ويُسلِموا أخاهم لمن فارقه من قومه، فلما فعلتْ ذلك بنو هاشم وبنو المُطَّلِب، وعرفت قريشٌ أنه لا سبيل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - معهم؛ اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبني المُطَّلِب ألا يناكحوهم ولا ينكحوا إليهم، ولا يبايعونهم ولا يبتاعون منهم، فكتبوا صحيفة في ذلك، وكتب في الصحيفة منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار،


(١) أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن ١/ ١١٩ (٢٧٤).
(٢) العُسّ: القدح الكبير. النهاية (عسس).
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٩١٣ - ٩١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>