للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد وضع يده على فمه، وهو يقول: يا محمد، لقد خوّفتني بأمر عظيم، وبأقوام كثيرة، فمَن هؤلاء؟ قال: «جنودي، وهم أكثر مما ذكرتُ لك». قال: فأخبِرني ما اسم ربّك؟ وما هو؟ ومَن خليله؟ وما حيلته؟ وكم هو؟ وأبو مَن هو؟ ومن أي حيٍّ هو؟ ومَن أخوه؟ وكانت العرب يتخذون الأخلاء في الجاهلية؛ فأنزل الله تعالى: {قُلْ} يا محمد: {هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} لقوله: ما اسمه؟ وكم هو؟ {اللَّهُ الصَّمَد} لقوله: ما طعامه؟ {الصَّمَد} الذي لا يأكل ولا يشرب، {لَمْ يَلِدْ} يقول: ولم يتخذ ولدًا، {ولَمْ يُولَدْ} يقول: ليس له والد يُكنى به، لقوله: وابن مَن هو؟ ثم قال: {ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ} لقوله: مَن خليله؟ يقول: ليس له نظير، ولا شبيه، فمن أين يتخذ الخليل؟! فأشار بيده وبعينه إلى الأربد بن قيس وهو في جهد قد عَصر المَلك بطنه حتى أراد أن يخرج خلاه من فِيه، وقد أهمّته نفسه، فقال الأربد: قم بنا. فقاما، فقال له عامر: ويحك، ما شأنك؟ قال: وجدت عَصرًا شديدًا في بطني ووجعًا؛ فما استطعتُ أنْ أرفع يدي. قال: فأمّا الأربد بن قيس فخرج يومئذ من المدينة، وكان يومًا متغيمًا، فأدركتْه صاعقة في الطريق، فقتلتْه، وأمّا عامر بن الطفيل فوجاه جبرئيل - عليه السلام - في عُنُقه، فخرج في عُنُقه دبيلة، ويقال: طاعون، فمرض بالمدينة، فلم يأوه أحد إلا امرأة مجذومة من بني سلول، فقال جزعًا من الموت: غُدَّة كغُدَّة البعير، وموت في بيت سلولية! ابرز إليَّ، يا موت، فأنا قاتلك. فأنزل الله - عز وجل -: {وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ المِحالِ} [الرعد: ١٣] (١). (ز)

٨٥٥٣٢ - قال مقاتل بن سليمان: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} وذلك أنّ مشركي مكة قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انعتْ لنا ربّك، وصِفه لنا. وقال عامر بن الطفيل العامري: أخبرنا عن ربّك؛ أمِن ذَهب هو، أو من فِضّة، أو من حديد، أو من صُفر؟ وقالت اليهود: عُزَيز ابن الله، وقد أنزل الله - عز وجل - نعْته في التوراة؛ فأخبِرنا عنه، يا محمد. فأنزل الله - عز وجل - في قولهم: {قُلْ} يا محمد: {هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} لا شريك له، {اللَّهُ الصَّمَد} يعني: الذي لا جوف له كجوف المخلوقين. ويقال: الصَّمَد: السيد الذي تَصمُد إليه الخلائق بحوائجهم وبالإقرار والخضوع، {لَمْ يَلِدْ} فيورث، {ولَمْ يُولَدْ} فيشارك، وذلك أنّ مشركي العرب قالوا: الملائكة بنات الرحمن. وقالت


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٩٢٣ - ٩٢٥، وذكره مختصرًا في ٢/ ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>