ورجَّح ابنُ جرير (٢٤/ ٧٤٥) القول الثالث -مستندًا إلى اللغة- وهو قول ابن عباس من طريق العَوفيّ، وما في معناه، فقال: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ الله -جلَّ ثناؤه- أمر نبيَّه محمدًا أن يقول: {أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، والفَلَق في كلام العرب: فَلَقُ الصُّبح، تقول العرب: هو أبْيَنُ من فَلَقِ الصُّبح، ومن فَرَقِ الصُّبح». ثم بيَّن جواز الأقوال الأخرى وغيرها مما يندرج تحت معنى الفَلَق، فقال: «وجائزٌ أن يكون في جهنم سجنٌ اسمه: فَلَقٌ، وإذا كان ذلك كذلك ولم يكن -جلَّ ثناؤه- وضع دلالةً على أنه عنى بقوله: {بِرَبِّ الفَلَقِ} بعض ما يُدْعى الفَلَق دون بعض، وكان الله -تعالى ذِكْره- ربَّ كلِّ ما خلق من شيء، وجب أن يكون معنيًّا به كل ما اسْمُه الفلق؛ إذ كان رب جميع ذلك». وكذا رجَّح ابنُ كثير (١٤/ ٥٢٣) أنه الصبح قائلًا: «وهو الصحيح، وهو اختيار البخاري: في صحيحه». ولم يذكر مستندًا. وانتقد ابنُ تيمية (٧/ ٣٨٧) -مستندًا إلى الدلالة العقلية- القول الأول والثاني قائلًا: «وأمّا مَن قال: إنه واد في جهنم، أو شجرة في جهنم، أو أنه اسم من أسماء جهنم، فهذا أمر لا تُعرف صحته، لا بدلالة الاسم عليه، ولا بنقل عن النبي، ولا في تخصيص ربوبيته بذلك حكمه، بخلاف ما إذا قال: ربّ الخَلْق، أو ربّ كلّ ما انفلق، أو ربّ النور الذي يُظهره على العباد بالنهار، فإنّ في تخصيص هذا بالذِّكر ما يظهر به عظمة الرّبّ المستعاذ به».