ورَجَّحَ ابنُ جرير (٣/ ٢٧٢ - ٢٧٤ بتصرُّف) أنّ يكون المقصود: الجماع، وكلّ ما قام مقامَ الجماع في الالتذاذ، مستندًا إلى السُّنَّة، والدلالة العقلية، فقال: «أوْلى القولين عندي بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: الجماعُ، أو ما قام مقامَ الجماع مِمّا أوجبَ غُسلًا إيجابَه. وذلك أنه لا قول في ذلك إلا أحد قولين: إما جعل حكم الآية عامًّا، أو جَعل حكمها في خاصٍّ من معاني المباشرة. وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن نساءَه كنّ يُرجِّلنه وهو معتكف، فلما صحّ ذلك عنه عُلِم أنّ الذي عُنِي به من معاني المباشرة البعضُ دون الجميع ... ، فإذا كان ذلك كذلك، وكان مُجْمَعًا على أنّ الجماع مما عُني به؛ كان واجبًا تحريمُ الجماع على المعتكف وما أشبهه، وذلك كلُّ ما قام في الالتذاذ مقامه منَ المباشرة». وهذا الذي رجّحه ابنُ جرير نسبه ابنُ عطية (١/ ٤٥٥) إلى الجمهور. وقال ابنُ تيمية (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨): «وقوله: {في المساجد} يتعلق بقوله: {عاكفون}، لا بقوله: {تباشروهن}؛ فإنّ المباشرة في المسجد لا تجوز للمعتكف ولا لغيره، بل المعتكف في المسجد ليس له أن يُباشِر إذا خرج منه لِما لا بُدَّ منه». وقال ابنُ كثير (٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩ بتصرُّف): «الأمرُ المتَّفَقُ عليه عند العلماء: أنّ المعتكف يحرُم عليه النساء ما دام معتكفًا في مسجده، ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بُدَّ منها فلا يَحِلُّ له أن يَتَلَبَّث فيه إلا بمقدار ما يفرغ من حاجته تلك من قضاء الغائط أو الأكل، وليس له أن يُقَبِّل امرأتَه، ولا أن يَضُمَّها إليه، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه، ولا يعود المريض لكن يسأل عنه، وهو مارٌّ في طريقه ... ، والمراد بالمباشرة: إنما هو الجماع ودواعيه؛ من تقبيل، ومعانقة، ونحو ذلك، فأما مُعاطاة الشيء ونحوه فلا بأس به».