للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}، قال: هذه أوَّلُ آيةٍ نزلت في القتال بالمدينة، فلَمّا نزلت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقاتِل من قاتَلَه، ويَكُفُّ عَمَّن كَفَّ عنه، حتى نزلت براءة (١). (ز)

٦٠٦٨ - قال مقاتل بن سليمان: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}، وذلك أنّ الله - عز وجل - نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين عن الشهر الحرام أن يُقاتِلوا في الحَرَم، إلّا أن يَبْدَأَهُم المشركون بالقتال، وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بَيْنا هو وأصحابه معتمرون إلى مكة في ذي القعدة، وهم مُحْرِمُون عام الحديبية، والمسلمون يومئذ ألف وأربعمائة رجل، فصَدَّهم مشركو مكة عن المسجد الحرام، وبدأوهم بالقتال؛ فرَخَّص اللهُ في القتال، فقال سبحانه: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (٢). (ز)

٦٠٦٩ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذه أوّل آية نزلت في القتال (٣) [٦٧٣]. (ز)

٦٠٧٠ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم} إلى آخر الآية، قال: قد نسخ هذا. وقرأ قولَ الله: {وقاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كافَّةً} [التوبة: ٣٦]، وهذه الناسخة، وقرأ: {بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ} حتى بلغ {فَإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ} إلى {إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١ - ٥] (٤) [٦٧٤]. (ز)


[٦٧٣] انتَقَدَ ابنُ كثير (٢/ ٢١٤) هذا القول الذي قال به الربيع، وابن زيد، مستندًا لنظائر المعنى من القرآن، وسياق الآية، بقوله: «وفي هذا نظر؛ لأنّ قوله: {الذين يقاتلونكم} إنّما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين هِمَّتُهم قتالُ الإسلام وأهله، أي: كما يقاتلونكم فقاتلوهم أنتم، كما قال: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} [التوبة: ٣٦]؛ ولهذا قال في هذه الآية: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم}، أي: لِتَكُن هِمَّتُكم مُنبَعِثَةً على قتالهم كما أنّ هِمَّتَهُم مُنبَعِثَةٌ على قتالكم، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها، قصاصًا». ثم قال بعد ذلك: «وقد حُكِي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -: أنّ أول آية نزلت في القتال بعد الهجرة: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية [الحج: ٣٩]، وهو الأشهر، وبه ورد الحديث».
[٦٧٤] اختُلِف هل هذه الآية منسوخة أم لا؟ ورجَّح ابنُ جرير (٣/ ٢٩١) القولَ بعدم النسخ الذي قاله ابن عباس، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز -كما سيأتي في تفسير الآية- مُستندًا لعدم الدليل عليه، فقال: «لأنّ دَعْوى المُدَّعِي نسخَ آية -يحتمل أن تكون غير منسوخة- بغير دلالة على صِحَّة دعواه تَحَكُّمٌ، والتَّحَكُّم لا يعجز عنه أحد».

<<  <  ج: ص:  >  >>