للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المباشر، أو التفسير غير الصريح، وهو المراد من قول الشافعي (ت: ٢٠٤) رحمه اللَّه: "جميع السُّنَّة شرح للقرآن" (١)، وهي أكثر بكثير من التفسير الصريح المباشر، ويلاحظ أن السيوطي رحمه اللَّه ألمح إلى النوعين تطبيقًا، ففي كتابه الإتقان لما ختمه بمبحث طبقات المفسرين قال: "وإذ قد انتهى بنا القول فيما أردناه من هذا الكتاب فلنختمه بما ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من التفاسير المصرح برفعها إليه غير ما ورد من أسباب النزول لتستفاد فإنها من المهمات" (٢). ثم أورد حوالي ٢٣٩ حديثًا مرفوعًا، وختم هذا المبحث بقوله: "فهذا ما حضرني من التفاسير المرفوعة المصرح برفعها صحيحها وحسنها، ضعيفها ومرسلها ومعضلها، ولم أعول على الموضوعات والأباطيل" (٣). وقصد بذلك التفسير النبوي الصريح، لكن لما جاء إلى تفسيره الدر المنثور حشد آلاف الأحاديث المرفوعة، متضمنة الأحاديث السابقة، فناهزت ثلث الكتاب، مما يدل أنه أراد أن يستقصي تفسير القرآن بكل ما ورد في السُّنَّة من تفسير نبوي صريح أو غير صريح (٤)، فيتضمن ذلك ما يجتهد المفسر في وصل حديث بتفسير آية لما يلمح بينهما من صلة معينة، أو لما تتضمنه الأحاديث من فضائل ومواعظ متصلة بموضوع الآية، ولا شك أن هذا باب واسع جدًّا، ويصعب استيعابه، إضافة إلى اختلاف أنظار المفسرين فيه؛ فمن مكثر كابن مردويه والسيوطي في الدر المنثور، ومن مقلٍّ كابن جرير، ومن متوسط بين ذلك كابن أبي حاتم وابن كثير (٥).


(١) ينظر: الرهان في علوم القرآن ١/ ٦، الإتقان في علوم القرآن ٤/ ٢٨، ط. المجمع ٥/ ١٩٠٦، وينظر في تعضيد ذلك: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٧/ ٤٣١ - ٤٣٢، الموافقات للشاطبي ٣/ ٢٣٠، ت: مشهور سلمان.
(٢) الإتقان، ط. المجمع ٦/ ٢٣٤٧.
(٣) الإتقان، ط. المجمع ٦/ ٢٤٥١.
(٤) سبقه في هذا المقصد الحافظ ابن مردويه في تفسيره المفقود، والذي خالف نظراءه من نقلة التفسير المأثور -كابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم- في التوسع فيه والعناية به دون العناية بآثار الصحابة، بينما ندرت لديه آثار التابعين، ولا تكاد تجد شيئا عن أتباعهم، وقد تقدم ذلك عند الحديث عنه في مصادر الموسوعة، وينظر: الإمام ابن مردويه ومنهجه في تفسيره، د. محمد بن عبد اللَّه الخضيري، مجلة الدراسات القرآنية، ع ٣، ص ٤٢.
وقد أفاد ابن كثير والسيوطي كثيرًا من تفسيره في هذا الباب.
(٥) ومن هنا لم ننهج استقصاء هذا الباب في هذه الموسوعة واستيعابه، وحاولنا التوسط فهذبنا كثيرا مما أورده السيوطي مما رأينا أن صلته بتفسير الآية بعيدة. ينظر: منهج الموسوعة (اللجنة الإشرافية بالموسوعة).

<<  <  ج: ص:  >  >>