للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتعلقة بالقرآن في عهده هو استشهاد عدد من قراء الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في حروب الردة (١)، وما ترتب على ذلك من أمره زيد بن ثابت بجمع القرآن في مصحف واحد، فكان من أجل أعماله المتعلقة بالقرآن أثناء خلافته -رضي اللَّه عنه-.

ونظرًا لقصر مدة خلافته وانشغاله -رضي اللَّه عنه- مع سائر الصحابة خلالها فقد قَلَّ المروي في التفسير عنهم جميعًا في ذلك العهد، ومن هنا فالمروي عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- في التفسير قليل جدًّا (٢)، ومن أشهر تلك المرويات (٣):

- ما رواه الشعبي أنه -رضي اللَّه عنه-، قال في الكلالة: "أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن اللَّه: هو ما دون الولد والوالد" قال: فلما كان عمر -رضي اللَّه عنه-، قال: إني لأستحيي من اللَّه أن أخالف أبا بكرٍ (٤).

- وجاء عنه أنه قال: "أي أرضٍ تقلني، وأي سماءٍ تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم" (٥).

وهذان الأثران عنه -رضي اللَّه عنه- يفيدان درسًا تربويًّا، أنه ينبغي عدم التجرؤ على التفسير إلا بعلم يغلب على الظن صحته، وفي هذا تأصيل لما ينبغي أن يكون عليه المفسر.

- ومن أمثلة استدراكاته: ما رواه قيس بن أبي حازمٍ، عن أبي بكرٍ الصديق، أنه


(١) وفيهم من كان من كبار قراء الصحابة، وربما كان لهم باع في التفسير كما هو الحال في الإقراء، منهم سالم مولى أبي حذيفة (ت: ١٢ هـ)، الذي قال عنه أبن عمر كما في صحيح البخاري ٩/ ٧١: "كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين، وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجد قباء فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو سلمة، وزيد، وعامر بن ربيعة"، وأثنى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه البخاري أيضًا ٥/ ٢٧، فقال: "استقرئوا القرآن من أربعة، من عبد اللَّه بن مسعود -فبدأ به- وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبي بن كب، ومعاذ بن جبل". فربما كان ذِكره مع هؤلاء الثلاثة الذين هم من كبار علماء الصحابة إشارة إلى أنه مثلهم، وتقدمه في الصلاة بكبار المهاجرين يؤيد ذلك، ولا شك أن استشهاده مبكرًا طوى كثيرًا من علمه. واللَّه أعلم.
(٢) ولا يعني ذلك عدم علمه بالقرآن! كيف وهو أول الصحابة إسلامًا وأكثرهم مجالسةً للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ! ولكن الأمر أنه توفي مبكرًا، ولم يتفرع في خلافته القصيرة ذات المشاغل العظيمة للتصدي للتعليم. وفي ذلك يقول السيوطي: "الرواية عن الثلاثة [يعني: أبا بكر وعمر وعثمان] نزرة جدًّا، وكان السبب في ذلك تقدم وفاتهم، كما أن ذلك هو السبب في قلة رواية أبي بكر -رضي اللَّه عنه- للحديث، ولا أحفظ عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- في التفسير إلا آثارًا قليلة جدًّا لا تكاد تجاوز العشرة". الإتقان ٦/ ٢٣٢٥.
(٣) ينظر: دروس د. مساعد الطيار على الشبكة العالمية عن تاريخ التفسير http: //vb.tafsir.net ٣٠٣٠٠/#.viupxfkr ١٢ w
(٤) تفسير ابن جرير الطبري ٦/ ٤٥٧.
(٥) السابق: ١/ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>