وكذا رَجَّحَ ابنُ كثير (٢/ ٢٩٤) عدمَ النسخ. وقد أوْرَد ابنُ جرير قولَ ابن عباس بعَدم النسخ الذي رَجَّحه تحت القول بالنسخ. [٨٠٠] انتَقَدَ ابنُ جرير (٣/ ٦٩٥ - ٦٩٦) هذا القول مستندًا إلى الإجماع، فقال: «ويُقال لِمَن زعَم أنّ ذلك منسوخ: ما الدَّلالةُ على نسخِه؟ وقد أجمع الجميعُ -لا خلافَ بينهم- على أنّ للرجل أن يُنفِقَ من مالِه صدقةً وهِبةً ووَصِيَّةً الثلث، فما الذي دلَّ على أنّ ذلك منسوخ؟ فإن زعم أنّه يعني بقوله:» إنه منسوخ «أنّ إخراج العَفْوِ من المال غيرُ لازم فَرْضًا، وأنّ فرض ذلك ساقطٌ بوجود الزكاة في المال. قيل له: وما الدليل على أنّ إخراج العَفْوِ كان فرضًا فأسقطه فرْضُ الزكاة؟ ولا دلالةَ في الآية على أنّ ذلك كان فرضًا؛ إذ لم يكن أمْرٌ من الله -عَزَّ ذِكْرُه-، بل فيها الدلالةُ على أنّها جوابُ ما سأل عنه القومُ على وجْهِ التَّعَرُّف لِما فيه لله الرِّضا من الصدقات، ولا سبيل لِمُدِّعي ذلك إلى دلالة تُوجِب صِحَّة ما ادَّعى».