للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: لم تُفْرَضْ فيه فريضةٌ معلومة [٧٩٩]. ثم قال: {خذ العفو وأمر بالعرف} [الأعراف: ١٩٩]، ثُمَّ نزَلَت الفرائضُ بعد ذلك مُسَمّاة (١). (٢/ ٥٤٩)

٧٧٢٨ - عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- في قوله: {قل العفو}، قال: هذا نَسَخَتْهُ الزَّكاة (٢). (٢/ ٥٤٩)

٧٧٢٩ - قال محمد بن السائب الكلبي: كان الرجلُ بعد نزول هذه الآية إذا كان له مالٌ من ذهب أو فضة أو زَرْعٍ أو ضَرْعٍ نظر إلى ما يكفيه وعياله نفقة سنة أمْسَكَه، وتَصَدَّق بسائِره، وإن كان مِمَّن يعمل بيده أمْسَك ما يكفيه وعيالَه يومه ذلك، وتصدّق بالباقي، حتى نزلت آيةُ الزكاة المفروضة، فنَسَخَتْ هذه الآية وكُلَّ صدقة أُمِرُوا بها قبل نزول الزكاة (٣) [٨٠٠]. (ز)


[٧٩٩] اخْتُلِف في هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟ فرَجَّح ابنُ جرير (٣/ ٦٩٥) قولَ ابن عباس من طريق عطية مستندًا إلى السُّنَّة، وظاهر القرآن، فقال: «والصوابُ من القول في ذلك ما قاله ابن عباس على ما رواه عنه عطيةُ، مِن أنّ قوله: {قل العفو} ليس بإيجاب فرْضٍ فُرِض من الله حقًّا في ماله، ولكنَّه إعلامٌ منه ما يُرضيه من النفقة مِمّا يُسْخِطُه، جوابًا معه لِمَن سأل نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عَمّا فيه له رِضًا، فهو أدبٌ من الله لجميع خلقه على ما أدَّبهم به في الصدقة غير المفروضات، ثابتُ الحكمِ، غيرُ ناسخٍ لحكمٍ كان قبلَه بخلافِه، ولا منسوخٍ بحكمٍ حدَث بعده، فلا ينبغي لِذي ورَعٍ ودينٍ أن يتجاوز في صدقاتِه التطوعِ وهباتِه وعطايا النفلِ وصدقتِه ما أدَّبهم به نبيُّه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إذا كان عند أحدكم فضْلٌ فليبدأ بنفسه، ثم بأهله، ثم بولده». ثم يسلُك حينئذٍ في الفضل مسالِكَهُ التي تُرضي اللهَ ويحبها، وذلك هو القوام بين الإسراف والإقتار الذي ذكره الله - عز وجل - في كتابه».
وكذا رَجَّحَ ابنُ كثير (٢/ ٢٩٤) عدمَ النسخ.
وقد أوْرَد ابنُ جرير قولَ ابن عباس بعَدم النسخ الذي رَجَّحه تحت القول بالنسخ.
[٨٠٠] انتَقَدَ ابنُ جرير (٣/ ٦٩٥ - ٦٩٦) هذا القول مستندًا إلى الإجماع، فقال: «ويُقال لِمَن زعَم أنّ ذلك منسوخ: ما الدَّلالةُ على نسخِه؟ وقد أجمع الجميعُ -لا خلافَ بينهم- على أنّ للرجل أن يُنفِقَ من مالِه صدقةً وهِبةً ووَصِيَّةً الثلث، فما الذي دلَّ على أنّ ذلك منسوخ؟ فإن زعم أنّه يعني بقوله:» إنه منسوخ «أنّ إخراج العَفْوِ من المال غيرُ لازم فَرْضًا، وأنّ فرض ذلك ساقطٌ بوجود الزكاة في المال. قيل له: وما الدليل على أنّ إخراج العَفْوِ كان فرضًا فأسقطه فرْضُ الزكاة؟ ولا دلالةَ في الآية على أنّ ذلك كان فرضًا؛ إذ لم يكن أمْرٌ من الله -عَزَّ ذِكْرُه-، بل فيها الدلالةُ على أنّها جوابُ ما سأل عنه القومُ على وجْهِ التَّعَرُّف لِما فيه لله الرِّضا من الصدقات، ولا سبيل لِمُدِّعي ذلك إلى دلالة تُوجِب صِحَّة ما ادَّعى».

<<  <  ج: ص:  >  >>