للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَتَزَوَّج بي؟ قال: نعم، ولكن أرجِعُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأَسْتَأْمِرُه. فقالت: أبِي تَتَبَرَّمُ؟! ثم استغاثت عليه، فضربوه ضربًا شديدًا، ثم خَلَّوْا سبيلَه، فلَمّا قضى حاجته بمكة، وانصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أعْلَمَه بالذي كان من أمرِه وأمرِ عناق، وما لَقِي بسببها، وقال: يا رسول الله، أيَحِلُّ لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى: {ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ} (١). (ز)

٧٨٠١ - عن مُقاتِل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قال: نَزَلت هذ الآيةُ في أبي مَرْثَد الغَنَوِيِّ، اسْتَأذَن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في عَناقَ أن يتزوجها، وكانت ذاتَ حظٍّ مِن جمال، وهي مُشْرِكة، وأبو مَرْثَد يومئذٍ مُسْلِم، فقال: يا رسول الله، إنّها تُعْجِبُني. فأنزَل الله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم} (٢). (٢/ ٥٦١)

٧٨٠٢ - قال مقاتل بن سليمان: {ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ}، نزلت في أبي مَرْثَدٍ الغَنَويِّ، واسمه أيمن، وفي عَناق القُرَشِيَّة، وذلك أنّ أبا مَرْثَد كان رجلًا صالحًا، وكان المشركون أسروا أُناسًا بمكة، وكان أبو مَرْثَد ينطلق إلى مكة مُسْتَخْفِيًا، فإذا كان الليلُ أخَذَ الطريق، وإذا كان النهارُ تَعَسَّفَ (٣) الجبال لِئَلّا يراه أحد، حتى يقدم مكة، فيَرْصُدُ المسلمين ليلًا، فإذا أخرجهم المشركون للبُراز تركوهم عند البُراز والغائِط، فينطلق أبو مَرْثَد، فيجعل الرجل منهم على عنقه، حتى إذا أخرجه من مكة كَسَرَ قَيْدَه بفِهْرٍ (٤)، ويُلْحِقه بالمدينة، كان ذلك دَأْبه. فانطلق يومًا حتى انتهى إلى مكة، فلَقِيَتْهُ عَناق، وكان يُصِيب منها في الجاهِلِيَّة، فقالت: أبا مَرْثَد، ما لَك فِيَّ حاجة؟ فقال: إنّ الله - عز وجل - قد حَرَّم الزِّنا. فلَمّا أيِسَتْ منه أنذَرَتْ به كُفّارَ مكة، فخرجوا يطلبونه، فاسْتَتَرَ منهم بالشجر، فلم يَقْدِرُوا عليه، فلَمّا رجعوا احتمل بعضَ المسلمين حتى أخرجه من مكة، فكَسَر قيدَه. ورَجَع إلى المدينة، فأَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بالخبر. فقال: والذي بعثك بالحقِّ، لو شئتُ أن آخذهم وأنا مُسْتَتِرٌ بالشجرة لفعلتُ. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اشكر ربَّك، أبا مَرْثَد؛ إنّ الله - عز وجل - حَجَزَهم عنك». فقال أبو مَرْثَد:


(١) تفسير الثعلبي ٢/ ١٥٤، وتفسير البغوي ١/ ٢٥٥.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٢/ ٣٩٨، والواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص ١٨٦. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٣) تَعَسَّف الجبال: مالَ وعَدَلَ في سيره إليها. لسان العرب (عسف).
(٤) بفِهْر: بحجر ملء الكف. لسان العرب (فهر).

<<  <  ج: ص:  >  >>