ورَجَّحَ ابنُ جرير (٣/ ٧٤٠ - ٧٤١) القولَ الثاني الذي قال به ابن عباس من طريق عطية العوفي وأبي رزين، وعكرمة من طريق العتكي، وقتادة من طريق مَعْمَر، والسدي، والضحاك، مستندًا إلى الإجماع، والدلالات العقلية، فقال: «وذلك أنّ كل أمر بمعنًى فنهْيٌ عن خلافه وضِدِّه، وكذلك النَّهْيُ عن الشيء أمرٌ بضده وخلافه. فلو كان معنى قوله: {فأتوهن من حيث أمركم الله}: فأتوهن من قبل مخرج الدم الذي نهيتكم أن تأتوهنَّ من قبله في حال حيضهن؛ لَوَجَبَ أن يكون قوله: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} تأويله: ولا تقربوهن في مخرج الدم دون ما عدا ذلك من أماكن جسدها، فيكون مطلقًا في حال حيضها إتيانهن في أدبارهن. وفي إجماع الجميع على أنّ الله -تعالى ذِكْرُه- لم يُطْلِق في حال الحيض من إتيانهن في أدبارهن شيئًا حَرَّمه في حال الطُّهْرِ، ولا حَرَّم من ذلك في حال الطُّهْرِ شيئًا أحلَّه في حال الحيض، ما يعلم به فساد هذا القول».