للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠١٢ - عن عكرمة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: كنت آتي أهلي في دُبُرِها، وسمعتُ قول الله: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}؛ فظننتُ أنّ ذلك لي حلال. فقال: يا لُكَعُ، إنّما قوله: {أنى شئتم} قائمةً وقاعدةً، ومُقْبِلةً ومُدْبِرَةً، في أقْبالِهِنَّ، لا تَعْدُ ذلك إلى غيره (١). (٢/ ٥٩٧)

٨٠١٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- {فأتوا حرثكم}، قال: مَنبِتُ الولدِ (٢). (٢/ ٥٩٧)

٨٠١٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق محمد بن كعب- قال: ائْتِ حَرْثَك من حيثُ نَباته (٣). (٢/ ٥٩٧)

٨٠١٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- {فأتوا حرثكم أنى شئتم}، قال: يأتيها كيف شاء، ما لم يكن يأتيها في دُبُرِها، أو في الحيض (٤). (٢/ ٥٩٧)

٨٠١٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- {فأتوا حرثكم أنى شئتم}، يعني بالحرث: الفَرْج. يقول: تأتيه كيف شئتَ، مستقْبِلَه ومسْتدبِرَه، وعلى أيِّ ذلك أردتَ، بعد أن لا تُجاوِزَ الفَرْج إلى غيره، وهو قوله: {من حيث أمركم الله} (٥) [٨٢٠]. (٢/ ٥٩٧)

٨٠١٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- أنّه كان يكره أن تُؤْتى المرأةُ في دُبُرِها، ويقول: إنما المُحْتَرَثُ مِن القُبُل الذي يكون مِنه النَّسْلُ والحَيْضُ. ويقول: إنّما أُنزِلَت هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، يقول: مِن أيِّ وجهٍ شِئتُم (٦) [٨٢١]. (٢/ ٥٩٨)


[٨٢٠] نقل ابنُ جرير (٣/ ٧٥٥) حُجَّة قائلي هذا القول الذي قال به ابنُ عباس من طريق علي، وابن جبير، وعكرمةُ من طريق عبد الكريم، ومجاهدٌ من طريق ليث، وكعب، والهمداني، وقتادة، والسدي، وعبد الله بن علي، فقال: «وأما الذين قالوا: ... فإنهم قالوا: إنّ الآية إنّما نزلت في استنكار قوم من اليهود؛ استنكروا إتيان النساء في أقْبالِهنَّ من قِبَل أدْبارِهِنَّ، قالوا: وفي ذلك دليل على صحة ما قلنا». وذكر أنّهم استدلوا على قيلهم هذا بما جاء عن ابن عباس من طريق مجاهد، وما في معناه.
[٨٢١] اختُلِف في معنى قوله: {أنى شئتم}؛ فقال بعضهم: معنى {أنى}: كيف. وقال آخرون: معناها: من حيث شئتم، وأي وجه أحببتم. وذهب قوم إلى أنّ معناها: متى شئتم. وذهب آخرون إلى أنّ معناها: أين وحيث شئتم. وذكر قوم أنّ المعنى: ائتوا حرثكم كيف شئتم، إن شئتم فاعزلوا، وإلا فلا.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٣/ ٧٥٩ - ٧٦٠) القولَ الثانيَ الذي قال به ابنُ عباس من طريق عكرمة، وعكرمةُ من طريق العتكي، والربيعُ، ومجاهد من طريق ابن جريج، مستندًا إلى اللغة، والنظائر، فقال: «وذلك أنّ» أنّى «في كلام العرب كلمة تَدُلُّ -إذا ابتُدِئ بها في الكلام- على المسألة عن الوجوه والمذاهب، فكأنّ القائل إذا قال لرجل: أنّى لك هذا المال؟ يريد: مِن أيِّ الوجوه لك. ولذلك يجيب المجيبُ فيه بأن يقول: مِن كذا وكذا. كما قال الله -تعالى ذِكْرُه- مخبرًا عن زكريا في مسألته مريم: {أنى لك هذا قالت هو من عند الله} [آل عمران: ٣٧]».
ثم انتَقَدَ (٣/ ٧٦١) بَقِيَّة الأقوال مُستندًا لمخالفتها اللغة، فقال: «والذي يدُلُّ على فساد قولِ مَن تَأَوَّل قول الله -تعالى ذِكْرُه-: {فأتوا حرثكم أنى شئتم}: كيف شئتم، أو تأوله بمعنى: حيث شئتم، أو بمعنى: متى شئتم، أو بمعنى: أين شئتم؛ أنّ قائلًا لو قال لآخر: أنّى تأتي أهلك؟ لكان الجواب أن يقول: مِن قُبُلها أو مِن دُبُرها. كما أخبر الله -تعالى ذكره- عن مريم إذ سُئِلَت: {أنى لك هذا}؟ أنها قالت: {هو من عند الله} [آل عمران: ٣٧]، وإذ كان ذلك هو الجواب؛ فمعلومٌ أنّ معنى قول الله -تعالى ذكره-: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} إنّما هو: فأتوا حرثكم من حيث شئتم من وجوه المَأْتى، وأنّ ما عدا ذلك من التأويلات فليس للآية بتأويل».
ومن ثَمَّ صَحَّح ابنُ جرير (٣/ ٧٦١) ما رُوِي عن جابر وابن عباس من أنّ هذه الآية نزلت فيما كانت اليهود تقوله للمسلمين: إذا أتى الرجل المرأةَ من دُبُرِها في قُبُلِها جاء الولدُ أحولَ، فقال: «وبَيِّنٌ بما بَيَّنا صحة معنى ما رُوِي عن جابر، وابن عباس ... ».
وكذلك قال ابنُ تيمية (١/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>