للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أورد أغلب القائلين بمدارس التفسير المدرسة الثالثة بمسمى مدرسة العراق وأنها نشأت على يد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، دون التفريق بين مدينتي الكوفة والبصرة، بل ربما ضموا مفسري المدينتين تحت مدرسة ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (١)، مع أنه عند الموازنة بين مفسري كلا المدينتين نجد أنه لا علاقة مباشرة بينهم من حيث الأثر والتأثير -مع قرب المدينتين من بعضهما! -، إذ إن أشهر مفسريها أبا العالية والحسن وقتادة لم يتتلمذوا على ابن مسعود أو يكون لتلاميذه أثر واضح فيهم، وعليه لا يصح إلحاق البصرة بمدرسة ابن مسعود، علمًا أن مفسري البصرة أكثر مفسري الأمصار نتاجًا في التفسير بعد أهل مكة لمشابهة طريقتهم للمكيين، مما يرجح الرأي بإفرادها كمدرسة مستقلة (٢)، لكن يأتي السؤال: مَن شيخ هذه المدرسة من الصحابة؟ وأين طلابه بعد ذلك؟ !

٤ - نقل د. الذهبي أن ابن مسعود هو مؤسس طريقة الكوفيين في الاعتداد بالرأي حيث لا يوجد النص، وأن أهل العراق امتازوا بأنهم أهل الرأي بناء على أن ابن مسعود هو الذي وضع الأساس لهذه الطريقة في الاستدلال لمسائل الخلاف، وتوارثها عنه علماء العراق، ثم ذكر أن تلك الطريقة أثَّرت في مدرسة التفسير بالكوفة، فكثر التفسير بالرأي والاجتهاد؛ لأن استنباط مسائل الخلاف الشرعية نتيجة من نتائج إعمال الرأي في فهم نصوص القرآن والسُّنَّة (٣)، لكن هذا يناقض ما اشتهر عن كبارهم من التورع عن التفسير، ومن هنا صحح آخرون القضية فأثبتوا لأهل الكوفة منهج التورع عن التفسير، وهو أيضًا يناقض ما عُرف عن الكوفيين من إعمال الرأي في مسائل الخلاف والأحكام ووضع أصوله التي كانت اللبنة الأولى لمذهب الأحناف، فكيف يجمع بين الأمرين؟ !


= التفسير أو المتعلقة بأصوله -وهذا لا يقلل من مكانته في العلم وعلو كعبه في علوم القرآن مما هو معروف عنه- ولا نجد من روى عنه إِلا أبا العالية البصري، المدني الأصل، فأين تلاميذ هذه المدرسة؛ نعم ذكروا -إضافة إلى أبي العالية- محمد بن كعب القرظي (ت: ١١٧ هـ)، وزيد بن أسلم (ت: ١٣٦ هـ) لكنهما لم يدركا أُبي بن كعب ولم يأخذا عنه! فإن قيل: بينهم واسطة! نوقش: من هي تلك الواسطة؟
وربما لاحظ بعضهم هذا الإشكال فجعل زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- رأس هذه المدرسة، مع أنه أيضًا من أقل الصحابة آثارًا في التفسير كما سيأتي في خاتمة مبحث "مفسرو السلف ومقدار تفسيرهم". ينظر: تفسير التابعين ١/ ٥٠٥ - ٥١٠.
(١) ينظر: التفسير والمفسرون ١/ ٨٨.
(٢) وهو الذي قرره مصنف كتاب تفسير التابعين، ورأى أنها نتيجة مهمة، لم يوردها من قبله، ينظر: ١/ ٢٢.
(٣) ينظر: التفسير والمفسرون ١/ ٦٤، ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>