[٨٦٥] اختُلِف في معنى الخوف منهما ألّا يقيما حدود الله؛ فقال قوم: هو أن يظهر من المرأة سوءُ الخلق والعشرة لزوجها. وقال آخرون: هو قول المرأة لزوجها: لا أطيع لك أمرًا. وقال غيرهم: بل الخوف من ذلك أن تبدي له بلسانها أنها له كارهة. وقال آخرون: بل ذلك منهما جميعًا لكراهة كل واحد منهما صحبة الآخر. ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ١٤٦ - ١٤٧) القول الأخير الذي قاله طاووس، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعامر الشعبي من طريق داود، مستندًا إلى ظاهر الآية، والدلالات العقلية، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذكره- إنّما أباح للزوج أخذ الفدية من امرأته عند خوف المسلمين عليهما أن لا يُقِيما حدودَ الله. فإن قال قائل: فإن كان الأمر على ما وصفتَ فالواجب أن يكون حرامًا على الرجل قَبول الفدية منها إذا كان النشوز منها دونه، حتى يكون منه من الكراهة لها مثل الذي يكون منها له؟ قيل له: إنّ الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت، وذلك أنّ في نشوزها عليه داعية له إلى التقصير في واجبها ومجازاتها بسوء فعلها به، وذلك هو المعنى الذي يوجب للمسلمين الخوف عليهما أن لا يقيما حدود الله. فأمّا إذا كان التفريط من كل واحد منهما في واجب حق صاحبه قد وجد، وسوء الصحبة والعشرة قد ظهر للمسلمين؛ فليس هناك للخوف موضع، إذ كان المخوف قد وُجِد، وإنما يخاف وقوع الشيء قبل حدوثه، فأما بعد حدوثه فلا وجه للخوف منه، ولا الزيادة في مكروهه».