ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ١٦٨) القولَ الثانيَ الذي قال به مجاهد مستندًا إلى السُّنَّة، فقال: «والذي قاله مجاهد في ذلك عندنا أوْلى بالصواب؛ لِلَّذِي ذَكَرْنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الذي رويناه عنه أنّه قال -أو سئل فقيل: - هذا قول الله -تعالى ذكره-: {الطلاق مرتان}، فأين الثالثة؟ قال: «فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان». فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنّ الثالثة إنما هي قوله: {أو تسريح بإحسان}، فإذا كان التسريح بالإحسان هو الثالثة فمعلومٌ أنّ قوله: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} من الدلالة على التطليقة الثالثة بمَعْزِل، وأنّه إنّما هو بيانٌ عن الذي يَحِلُّ لِلْمُسَرِّح بالإحسان إن سَرَّح زوجتَه بعد التطليقتين، والذي يحرم عليه منها، والحال التي يجوز له نكاحها فيها، وإعلام عباده أنّ بعد التسريح على ما وصفتُ لا رجعة للرجل على امرأته». وعلَّق ابنُ عطية (١/ ٥٦٦) بعد ذكره لكِلا القولين بقوله: «وقوله تعالى: {أوْ تَسْرِيحٌ} يحتمل الوجهين: إمّا تركُها تُتِمُّ العِدَّة، وإمّا إرداف الثالثة. ثُمَّ بَيَّن في هذه الآية حكمَ الاحتمال الواحد؛ إذ الاحتمال الثاني قد عُلِم منه أنّه لا حُكْمَ له عليها بعد انقِضاء العِدَّة».