للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلى المُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠]، قال: كُلُّ مطلقةٍ، متاعٌ بالمعروف حقًّا على المتقين (١). (ز)

٩٢٤١ - عن قتادة، قال: كان أبو العالية =

٩٢٤٢ - والحسن يقولان: لكُلِّ مطلقةٍ متاعٌ؛ دخل بها أو لم يدخل بها، وإن كان قد فرض لها (٢). (ز)

٩٢٤٣ - عن الحسن البصري -من طريق يونس- أنّه كان يقول: لكُلِّ مطلقة متاعٌ، وللتي طلقها قبل أن يدخل بها ولم يفرِض لها (٣) [٩٠٨]. (ز)


[٩٠٨] رجَّح ابنُ جرير (٤/ ٣٠١ - ٣٠٣) هذا القولَ الذي قال به أبو العالية، والحسن، وسعيد بن جبير، مستندًا إلى دلالة العموم، والعقل، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- قال: {وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين}. فجعل الله -تعالى ذِكْرُه- ذلك لكُلِّ مطلقةٍ، ولم يخصص منهُنَّ بعضًا دون بعض، فليس لأحد إحالةُ ظاهر تنزيل عامٍّ إلى باطنٍ خاصٍّ إلا بحُجَّةٍ يجب التسليمُ لها. فإن قال قائل: فإنّ الله -تعالى ذِكْرُه- قد خَصَّ المطلقة قبل المسيس إذا كان مفروضًا لها بقوله: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم}، إذ لم يجعل لها غير نصف الفريضة. قيل: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- إذا دَلَّ على وجوب شيء في بعض تنزيله، ففي دلالته على وجوبه في الموضع الذي دلَّ عليه الكفايةُ عن تكريره، حتى يدلَّ على بُطُولِ فرضه، وقد دلَّ بقوله: {وللمطلقات متاع بالمعروف} على وجوب المتعة لكلِّ مطلقةٍ، فلا حاجة بالعباد الى تكرير ذلك في كلِّ آية وسورة. وليس في دلالته على أنّ للمطلقة قبلَ المسيس المفروض لها الصداق نصفَ ما فُرِض لها دلالةٌ على بُطُولِ المتعة عنه؛ لأنّه غيرُ مستحيل في الكلام لو قيل: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم والمتعة. فلمّا لم يكن ذلك مُحالًا في الكلام كان معلومًا أنّ نصف الفريضة إذا وجب لها لم يكن في وجوبه لها نفيٌ عن حقها مِن المتعة، ولَمّا لم يكن اجتماعهما للمطلقة مُحالًا، وكان الله -تعالى ذكره- قد دلَّ على وجوب ذلك لها، وإن كانت الدلالة على وجوب أحدهما في آيةٍ غير الآية التي فيها الدلالة على وجوب الأخرى ثبت وصحَّ وجوبهما لها. هذا إذا لم يكن على أنّ للمطلقة المفروض لها الصداق إذا طلقت قبل المسيس دلالة غير قول الله -تعالى ذكره-: {وللمطلقات متاع بالمعروف}، فكيف وفي قول الله -تعالى ذكره-: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن} الدلالة الواضحة على أنّ المفروض لها إذا طلقت قبل المسيس لها من المتعة مثل الذي لغير المفروض لها منها؟! وذلك أنّ الله -تعالى ذكره- لَمّا قال: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} كان معلومًا بذلك أنّه قد دلَّ به على حكم طلاق صنفين من طلاق النساء: أحدهما المفروض له، والآخر غير المفروض له؛ وذلك أنّه لما قال: {أو تفرضوا لهن فريضة} عُلِم أنّ الصنف الآخر هو المفروض له، وأنّها المطلقة المفروض لها قبل المسيس؛ لأنه قال: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن}، ثم قال -تعالى ذكره-: {ومتعوهن} فأوَجَبَ المُتْعَةَ للصِّنفَيْنِ منهُنَّ جميعًا؛ المفروضِ لهن، وغيرِ المفروض لهن. فمَنِ ادَّعى أنّ ذلك لأحد الصنفين سُئِل البرهانَ على دعواه مِن أصلٍ أو نظيرٍ، ثم عُكِسَ عليه القولُ في ذلك؛ فلن يقول في شيء منه قولًا إلا أُلْزِم في الآخر مثلَه».وذكَر ابنُ عطية (١/ ٥٩٣) أن من قال: إن المتعة واجبة؛ قال: إن قوله: {حقا على المحسنين} تأكيد الوجوب، أي: على المحسنين بالإيمان والإسلام، فليس لأحد أن يقول لَسْتُ بمُحسن على هذا التأويل. ثم قال: «و {حقا} صفة لقوله: {متاعا}، أو نصب على المصدر، وذلك أدخل في التأكيد للأمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>