للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٨١٧ - عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق علي بن الحكم-: ... فأماتهم الله، ثُمَّ أحياهم، ثم أمرهم أن يرجعوا إلى الجهاد في سبيل الله، فذلك قوله: {وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم} (١). (ز)

٩٨١٨ - عن هلال بن يَساف، في الآية، قال: هؤلاء قومٌ من بني إسرائيل، كانوا إذا وقع فيهم الطاعونُ خرج أغنياؤُهم وأشرافُهم، وأقام فقراؤُهم وسَفِلَتُهم، فاستحرَّ القتلُ على المقيمين، ولم يُصِب الآخَرِين شيءٌ، فلما كان عامٌ من تلك الأعوام قالوا: لو صنَعْنا كما صنعوا نَجَوْنا. فظَعَنوا جميعًا، فأُرْسِل عليهم الموت، فصاروا عِظامًا تَبْرُقُ، فجاءهم أهل القرى، فجمعوهم في مكان واحد، فمرَّ بهم نبي، فقال: يا رب، لو شئتَ أحييتَ هؤلاء فعَمَّرُوا بلادك، وعَبَدُوك. فقال: قُل كذا وكذا. فتكلَّم به، فنظر إلى العظام تُرَكَّب، ثم تَكَلَّمَ، فإذا العظامُ تُكْسى لحمًا، ثم تكَلَّم، فإذا هم قعود يُسَبِّحون ويُكَبِّرون، ثم قيل لهم: {وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم} (٢) [٩٤١]. (٣/ ١١٨)


[٩٤١] انتَقَدَ ابنُ جرير (٤/ ٤٢٧ - ٤٢٨) قولَ مَن قال: إنّ قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله} هو أمرٌ للذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت؛ لمخالفته للغة العرب، والدلالات العقلية، فقال: «ولا وجْهَ لقولِ مَن زعم أنّ قوله: {وقاتلوا في سبيل الله} أمْرٌ من الله الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف بالقتال بعد ما أحياهم؛ لأنّ قوله: {وقاتلوا في سبيل الله} لا يخلو إن كان الأمر على ما تَأَوَّلوه من أحد أمور ثلاثة: إما أن يكون عطفًا على قوله: {فقال لهم الله موتوا}، وذلك من المحال أن يميتهم ويأمرهم وهم موتى بالقتال في سبيله. أو يكون عطفًا على قوله: {ثم أحياهم}، وذلك أيضًا مما لا معنى له؛ لأن قوله: {وقاتلوا في سبيل الله} أمر من الله بالقتال، وقوله: {ثم أحياهم} خبر عن فعل قد مضى، وغيرُ فصيحٍ العطفُ بخبر مُسْتَقْبَلٍ على خبر ماضٍ لو كانا جميعًا خبرين لاختلاف معنييهما؛ فكيف عطف الأمر على خبرٍ ماضٍ؟! أو يكون معناه: ثم أحياهم وقال لهم: قاتلوا في سبيل الله، ثم أسقط القول، كما قال -تعالى ذكره-: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا} بمعنى: يقولون: ربنا، أبصرنا وسمعنا. وذلك أيضًا إنما يجوز في الموضع الذي يدلُّ ظاهرُ الكلام على حاجته إليه، ويفهم السامعُ أنّه مُرادٌ به الكلام، وإن لم يُذْكَر، فأمّا في الأماكن التي لا دلالة على حاجة الكلام إليه، فلا وجْه لدعوى مُدَّعٍ أنّه مُراد فيها».
وبنحوه قال ابنُ عطية (١/ ٦١١): «ولا وجه لِقَوْل من قال: إن الأمر بالقتال هو للذين أُحْيُوا». وظاهر قول ابن جرير ما ذكره ابنُ عطية (١/ ٦١٠) بقوله: «وجَعَلَ اللهُ تعالى هذه الآية مُقَدمَةً بين يدي أمره المؤمنين من أمة محمد بالجهاد. هذا قول الطبري، وهو ظاهر رَصْف الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>