للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بي جالوتَ الجبارَ، فأقعُ في بطنه فأَنفُذُ مِن جانبه الآخر. فأخذه، فألقاه في مَخْلاتِهِ، ثم مَرَّ بحجر آخر، فقال له: يا داود، خُذْنِي؛ فأنا حجرُ موسى الذي قتل بي كذا وكذا، فارْمِ بي جالوتَ، فأقعُ في قلبه فأنفُذُ مِن الجانب الآخر. فألقاه في مَخْلاتِه، ثم مَرَّ بحجر آخر، فقال: يا داود، خُذْنِي؛ فأنا الذي أقتلُ جالوتَ الجبارَ، فأستعينُ بالريحِ، فتُلْقِي البيضةَ، فأَقَعُ في دِماغِه، فأقْتُلُه. فأخذه، فألقاه في مخلاته، ثُمَّ انطلق حتّى دخل على طالوت، فقال: أنا قاتل جالوت -بإذن اللَّه-. وكان داود - عليه السلام - رثَّ المنظر، هُبَيْرَ دُوَيْر؛ فأنكر طالوتُ أن يقتله داودُ - عليه السلام -، فقال داود: تجعل لي نصف مُلْكِك ونصف مالِك إن قتلتُ جالوتَ الجبارَ؟ قال طالوتُ: لك ذلك عندي، وأُزَوِّجُك ابنتي، ولن يخفى عَلَيَّ إن كنتَ أنت صاحبه، قد أتاني قومي، كلُّهم يزعمُ أنه يقتله، وقد أخبرني إسماعيلُ أنّ الله يبعث له رجلًا من أصحابي فيقتله، فالبس هذا الدِّرعَ. فلبسها داود - عليه السلام -، فطالت عليه، فانتفَضَ فيها، فتَقَلَّص منها، وجَعَل داودُ يدعو اللهَ - عز وجل -، ثُمَّ انتَفَضَ فيها، فتَقَلَّص منها، ثُمَّ انتَفَضَ فيها الثالثة، فاسْتَوَتْ عليه، فعَلِم طالوتُ أنّه يقتل جالوت. ... فلَمّا التَقى الجمعان، وطالوت في قِلَّة، وجالوت في كثرة؛ عمد داود - عليه السلام - فقام بحِيال جالوت، لا يقوم ذلك المكان إلّا مَن يريد قتال جالوت، فجعل الناس يسخرون من داود حين قام بحِيال جالوت، وكان جالوتُ مِن قوم عاد، عليه بيضةٌ فيها ثلاثمائة رطل، فقال جالوتُ: مِن أين هذا الفتى؟ ارجع، ويْحَكَ؛ فإنِّي أراك ضعيفًا، ولا أرى لك قُوَّةً، ولا أرى معك سلاحًا، ارجع؛ فإنِّي أرحمك. فقال داود - عليه السلام -: أنا أقتلك -بإذن الله - عز وجل -. فقال جالوتُ: بأيِّ شيءٍ تقتلني، وقد قمتَ مقام الأشقياء، ولا أرى معك سلاحًا إلا عصاك هذه؟! هَلُمَّ، فاضربني بها ما شئتَ. وهي عصاه التي كان يَرُدُّ بها غنمَه، قال داود: أقتلك -بإذن الله- بما شاء الله. فتقدم جالوتُ ليأخذه بيده مُقْتَدِرًا عليه في نفسه، وقد صارت الحجارة الثلاثةُ حجرًا واحدًا، فلَمّا دنا جالوتُ مِن داود أخرج الحجر من مَخْلاتِه، وأَلْقَتِ الريحُ البَيْضَةَ عن رأسه، فرماه، فوقع الحجر في دماغه، حتّى خرج من أسفله، وانهزم الكفار، وطالوتُ ومن معه وقوفٌ ينظرون، فذلك قوله سبحانه: {فَهَزَمُوهُمْ بِإذْنِ اللَّهِ وقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ} بحَذافَة (١) فيها حجر واحد، وقُتِل معه ثلاثون ألفًا (٢). (ز)


(١) الحذافة: آلة الحذف، وهو الرمي. المحكم والمحيط الأعظم (حذف).
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨، ٢٠٩ - ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>