ثم انتَقَدَ (٤/ ٦٠٠ - ٦٠٢) قولَهما مُسْتَنِدًا إلى مخالفة رسم المصحف، فالهاء مُثْبَتَةٌ في مصحف المسلمين، ولإثباتها وجهٌ صحيحٌ في حال الوصل والوقف، وذلك أن يكون معنى قوله: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}: لم تأتِ عليه السِّنون فيَتَغَيّر، على لغة من قال: أسْنَهْتُ عندكم أُسْنِه: إذا أقام سَنَةً. واسْتَدَلَّ ببيتٍ من الشِّعْرِ كانت الهاء في السنة أصلًا، وهي اللغة الفصحى، وبأنّه غير جائز حذفُ حرفٍ من كتاب الله في حال وقف أو وصل ولإثباته وجهٌ في كلام العرب صحيح، واستَدَلَّ ببعض الآثار التي أمر فيها عثمانُ وأبيّ بن كعب بإلحاق (هاء) إلى كلمة (يتسنّ)، وأنّه لو كان ذلك من (تسنّى) أو (تسنَّن) لما ألْحَق فيه أُبَيٌّ هاءً ولا موضع للهاء فيه، ولا أمر عثمان بإلحاقها فيه. وردَّ على من اعْتَلَّ بأن المصحف قد أُلْحِقت فيه حروف هنّ زوائد على نية الوقف، والوجه في الأصل عند القرأة حذفهن، وذلك كقوله تعالى: {فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وقوله: {يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ} [الحاقة: ٢٥] بأنّ ذلك هو مما لم يكن فيه شكٌّ أنّه من الزوائد، وأنّه أُلْحِق على نية الوقف، فأما ما كان محتملًا أن يكون أصلًا للحرف غير زائد فغيرُ جائز -وهو في مصحف المسلمين مُثْبَتٌ- صرفُه إلى أنّه من الزوائد والصِّلات.