للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منزل عليكِ روحًا. فسَعَتِ العظامُ بعضها إلى بعض؛ الذراعُ إلى العَضُد، والعَضُد إلى المنكبين والكَتِف، وسَعَتِ الساقُ إلى الركبتين، والركبتان إلى الفخذين، والفَخِذان إلى الوَرِكَيْن، والتَصَق الوَرِكان بالظَّهر، ثم وقع الرأسُ على الجسد، وعُزَيْرٌ ينظُر، ثم ألقى على العظام العروق والعصب، ثم ردَّ عليه الشَّعَر، ثم نفخ في مَنخَرِه الروح، فقام الحمارُ ينهق عند رأسه، فأُعلِم كيف يبعث أهل هذه القبور بعد هلاكهم، وبُعِث حمارُه بعد مائة عام، كما لم يتغير طعامه وشرابه، وبُعث بعد طوال الدهر ليُعتَبر بذلك، فذلك قوله سبحانه: {ولنجعلك آية للناس} (١). (ز)

١٠٤٨٥ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: بدأ بعينيه فنفخ فيهما الروح، ثم بعظامه فأنشَزَها، ثم وصَل بعضَها إلى بعض، ثم كساها العَصَب، ثم العروق، ثم اللحم. ثم نظر إلى حماره، فإذا حمارُه قد بَلِي وابيضَّت عظامه في المكان الذي ربطه فيه، فنُودي: يا عظامُ، اجتمعي؛ فإنّ الله منزلٌ عليك روحًا. فسعى كُلُّ عَظْمٍ إلى صاحبه، فوصل العظام، ثم العصب، ثم العروق، ثم اللحم، ثم الجلد، ثم الشعَر، وكان حماره جَذَعًا (٢)، فأحياه الله كبيرًا قد تشنَّن (٣)، فلم يبق منه إلا الجلدُ من طول الزمن (٤) [٩٩٧]. (ز)

١٠٤٨٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله:


[٩٩٧] رَجَّح ابنُ جرير (٤/ ٦١٣) قولَ مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: بأنّ الله أمر الذي قال: {أنّى يُحْيِي هَذِهِ الله بَعْدَ مَوتِها} بالنظر إلى نَفْسِه وحماره، وبعد نفخ الروح في عينيه، أي: قبل أن يسويه خلقًا سويًّا، وقبل أن يحيي حماره، أخذًا بظاهر لفظ الآية، ودلالة العموم، فالنظر يكون بالبصر، وأخذًا بعموم لفظ {العظام}، فلم يخصصها بعظام الحمار دون عظام المأمور بالنظر إليها، ولا بعظامه دون عظام الحمار، وأنّ ما يُقَوِّي الأخذ بالعموم أنَّ البِلى قد لَحِق عظام الحمار في قول أهل التأويل جميعًا كما لحق عظام المأمور بالنظر، ثم قال: «وإذ كان ذلك كذلك كان الأَوْلى بالتأويل أن يكون الأمر بالنظر إلى كُلِّ ما أدركه طَرْفُه مِمّا قد كان البِلى لحقه؛ لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- جَعَلَ جميعَ ذلك عليه حُجَّةً، وله عبرةً وعظةً».

<<  <  ج: ص:  >  >>