للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عند رؤيته الدابَّةَ التي تَفَرَّقَتِ الطيرُ والسباعُ عنها حين دنا منها، وسأل ربَّه ما سأل، قال: {فخذ أربعة من الطير}. قال ابن جُرَيْج: فذبحها، ثم خلط بين دمائهن وريشهن ولحومهن، {ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا} حيث رأيتَ الطير ذهبتْ والسباع. قال: فجعَلَهُنَّ سبعة أجزاء، وأمسك رؤوسَهن عنده (١). (ز)

١٠٦٢٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- {ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا}، قال: فأخذ طاووسًا، وحمامة، وغرابًا، وديكًا، ثم قال: فرِّقهن؛ اجعل رأسَ كُلِّ واحد وجُؤْشُوشَ (٢) الآخر وجَناحَيِ الآخر ورِجْلَيِ الآخر معه، فقطَّعهن وفرَّقهن أرباعًا على الجبال، ثم دعاهُنَّ فجِئْنَه جميعًا، فقال الله: كما ناديتهن فجئنك؛ فكما أحييتَ هؤلاء وجمعتَهُنَّ بعد هذا فكذلك أجمع هؤلاء أيضًا -يعني: الموتى- (٣). (ز)

١٠٦٢٧ - قال يحيى بن سلام: فقطع أعناقها، ثم خلط ريش بعضها ببعض، ودماء بعضها ببعض، ثم فرَّق بينها على أربعة أجبل (٤) [١٠٠٦]. (ز)


[١٠٠٦] رجَّح ابنُ جرير (٤/ ٦٤٨) مستندًا إلى ألفاظ الآية قولَ مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: أنّ الله تعالى أمر إبراهيم - عليه السلام - أن يُفَرّق أعضاء الأطيار الأربعة على كل جبل يصل إليه وقت تكليفه بتفريق ذلك. وعلَّل ذلك بأنّ «الله -تعالى ذِكْرُه- قال له: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنهُنَّ جُزْءًا}، و (كل) حرف يدل على الإحاطة بما أضيف إليه، و (الجبل) لفظه لفظ واحد ومعناه الجمع. فإذ كان ذلك كذلك فلن يجوز أن تكون الجبالُ التي أُمِر إبراهيم بتفريق أجزاء الأطيار الأربعة عليها خارجةً من أحد معنيين: إما أن تكون بعضًا أو جميعًا؛ فإن كانت بعضًا فغير جائز أن يكون ذلك البعض إلا ما كان لإبراهيم السبيل إلى تفريق أعضاء الأطيار الأربعة عليه، أو يكون جميعًا فيكون أيضًا كذلك».
ثُمَّ علَّق (٤/ ٦٤٨) على قول مَن حصر الجبال بعدد معين، قائلًا: «فأمّا قولُ من قال: إن ذلك أربعة أجْبُلٍ. وقولُ من قال: هُنَّ سبعةٌ. فلا دلالة عندنا على صِحَّةِ شيء من ذلك فنستجيز القول به».
وأيَّدَ ابنُ عطية (٢/ ٥٦) ما رجَّحه ابن جرير، فقال بعد أن عَدَّد الأقوال في الآية: «وبعيدٌ أن يُكَلّف جميعَ جبال الدنيا، فلن يحيط بذلك بصرُه، فيجيء ما ذهب إليه الطبريُّ جيدًا مُتَمَكِّنًا، والله أعلم أيّ ذلك كان».

<<  <  ج: ص:  >  >>